هذه دِرَاسَةٌ بعنوان: "التَّشْبِيْهُ الْبَلِيْغُ فِي الْقُرْآَنِ الْکَرِيْمِ، دِرَاسَةٌ أُسْلُوْبِيَّةٌ إِحْصَائِيَّةٌ". وَلَعَلَّ الدَّافِعَ وَرَاءَهَا هُوَ أن کَثِيْرًا مِنَ الْبَلاغِيِّيْنَ وَالْمُفَسِّرِيْنَ قَدْ خَلَطُوْا بَيْنَ التَّشْبِيْهِ الْبَلِيْغِ وَالاسْتِعَارَةِ، فَعَدُّوْا التَّشْبِيْهَ الْبلَيِْغَ مِنَ الاسْتِعَارَةِ، وَذَلِکَ عَلَى الرَّغْمِ مِنَ الْفُرُوْقِ الْوَاضِحَةِ بَيْنَهُمَا. وَالْمَنْهَجُ المُتَّبَعُ فِي هَذِهِ الدِّرَاسَةِ هُوَ الْمَنْهَجُ الأُسْلُوْبِيُّ الإِحْصَائِيُّ، وهي تَقُوْمُ عَلَى إِحْصَاءِ أَعْدَادِ التَّشْبِيْهِ الْبَلِيْغِ فِي الْقُرْآَنِ الْکَرِيْمِ، وَتَصْنِيْفِهِ إِلَى صُوَرٍ وَأَشْکَالٍ، وَإِحْصَاءِ أَعْدَادِ کُلِّ صُوْرَةٍ مِنْهُ مَعَ تَفْسِيْرِ زِيَادَةِ نِسْبَةِ وُرُوْدِهِ فِي سُوْرَةٍ قُرْآَنِيَّةٌ دُوْنَ غَيْرِهَا، وَتَفْسِيْرِ زِيَادَةِ بَعْضِ صُوَرٍ مِنْ صُوَرِهِ دُوْنَ غَيْرِهَا.
وَمِنْ أَهَمِّ النَّتَائِجِ الَّتِي تَوَصَّلْتُ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الدِّرَاسَةِ هِيَ أَنَّ الْقَاضِي الْجُرْجَانِيَّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ التَّشْبِيْهِ الْبَلِيْغِ وَالاسْتِعَارَةِ. وَأَنَّ الإِمَامَ عَبْدَ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيَّ قَدْ فَصَّلَ الْقَوْلَ فِي التَّفْرِيْقِ بَيْنَهُمَا تَفْصِيْلاً اعْتَمَدَ عَلَيْهِ اللاَّحِقُوْنَ وَاضِعًا بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ فُرُوْقٍ. وَأَنَّ التَّشْبِيْهَ الْبَلِيْغَ قَدْ وَرَدَ في الْقُرْآَنِ الْکَرِيْمِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِئَةِ (115) مَوْضِعٍ.