مع ظهور الکوجيتو الديکارتى " أنا أفکر اذن أنا موجود" احتلت الذات مکانة بارزة فى الفکر الفلسفى، وشکلت الذات أهم مقومات الحداثة. ولکن عندما أعلن نيتشه عن مفهوم الذات بوصفه مجرد وهم، وعندما أعلن "فرويد" أن اللاوعى هو الذى يتحکم فى الوعى، بدأت تلک المرکزية التى احتلتها الذات فى التراجع والأنهيار، وأصبح نقد الذات والأعلان عن لا مرکزيتها، من أهم مقومات حرکة مابعد الحداثة فى الفلسفة. وقد قام دريدا بتفکيک الکوجيتو الديکارتى من خلال المناظرة التى دارت بينه وبين "ميشيل فوکو"، حول تأويل الکوجيتو الديکارتى . وقد رأى فوکو أن هناک اقصاء حقيقيا للجنون على مدار تاريخ الفکر، وأن الکوجيتو عند ديکارت يقصى الجنون تماما ويستبعده. بينما يرى دريدا أن هناک اساءة قراءة من جهة فوکو لديکارت، کما يرى أن شخصية الشيطان الماکر التى استعان بها ديکارت تعبر عن الجنون الکلى . ويمثل الکوجيتو الديکارتى بلغة دريدا مرکزية لوغوس وميتافيزيقا حضور. کما يرى أن الحضور الحاضر دائما للکوجيتو الديکارتى يتکون من غائبين، احدهما الماضى الذى مضى و انقضى، والآخر هو المستقبل الذى لم يحضر بعد، فلا يتمتع الکوجيتو اذن بالحضور الذى ادعاه.