حققت لامية العجم شهرة واسعة ضمنت لها الخلود في التراث الشعري العربي، وفي أذهان العرب المهتمين بالشعر العربي الفصيح وتاريخه، وقد جعلها تداولها محط أنظار الباحثين والدارسين في المراحل الزمنية المختلفة، فصدرت عشرات الدراسات التي تناولتها شرحًا وتحليلاً، غير أن هذا لا يمنع استمرار تقديم الدراسات اللائقة بمکانتها الأدبية؛ فجاءت هذه الدراسة مساهمة للاطلاع على مظاهر التماسک النصي في القصيدة من خلال معياري السبک والحبک، والوقوف على أبرز السمات اللغوية والدلالية التي ضمنت للقصيدة الخلود.
تمت دراسة صور التماسک في مبحثين اثنين، أولهما السبک، بشقيه: النحوي وما يتضمنه من (وصل وفصل وإحالات وحذف) والمعجمي، وما يتضمنه من (تکرار وتضام)، وثانيهما الحبک، وما تضمنه من (ربط الدلالات المعجمية، والعلاقات الضمنية في النص)، وفي کلا المبحثين اتجهت الدراسة إلى إبراز أثرها في التماسک النصي، وربط أجزاء النص بعضها مع البعض.
ومن أظهر نتائج الدراسة: دوران حروف الربط في جميع أنحاء النص الشعري بشکل متفاوت، فجاءت "الواو" الأکثر ورودًا، مقابل حرف "أو" الذي ورد مرتين فقط، بينما لم ترد الحروف "أم" و"بل" و"لکن" أبدًا، وظهر أن حرف الوصل (الواو) عطف الأبيات بعضها مع بعض، وعطف الأشطار أيضًا، وعطف الجمل، وعطف الثنائيات اللغوية، الأسماء والأفعال، وهو ما حقق تماسکًا وترابطًا بين أجزاء النص على مستوى الکلمة والترکيب والبنية الکبرى.
وکان للفصل والحذف دور مهم في التماسک حيث أفادا الإيجاز، وغزارة المعاني في ذهن الشاعر في الفصل بالجملة الاعتراضية، وکذلک الأمر في الإحالة بنوعيها النصية والمقامية، ودورها المهم في ربط أطراف الجمل وأجزائها، وبرز التکرار ظاهرة جلية في معظم مواطن النص، مما بث روح الحرکة فيه، وجعله نصًّا حيًّا من بدايته إلى نهايته.