يتناول البحث صورة الآخر الأجنبي في شعر محمود شوقي الأيوبي في النصف الأول من القرن العشرين، وهي الحقبة الزمنية الأهم في تشکيل الدول على صورتها الحالية في التاريخ الحديث؛ حيث عانت فيها معظم البلاد العربية من الأطماع الاستعمارية الغربية في أراضيها، ولذلک جاءت معظم صور الآخر الغربي في الشعر العربي سلبية نتيجة هذه الأطماع، لکن حضور الآخر الغربي في شعر الأيوبي لم يکن تقليديًّا نمطيًّا، بل فاعلاً ومؤثرًا ينبثق من فلسفة خاصة به تخلق تلازمًا بين الدال والمدلول، وتجسد فکره وآراءه إزاء الآخر بشقيه الإيجابي والسلبي، ولعل حضور الآخر على اختلافاته العرقية والدينية في شعر الأيوبي، وآرائه المنصفة إزاءه سلبًا وإيجابًا تؤکد موضوعية الشاعر وتجرده في الطرح، على أنها تشير أيضًا إلى الحس القومي العالي لديه، ومناهضته الاستعمار الغربي للدول العربية، والدول الإسلامية، والدول غير الإسلامية أيضًا.
وجاءت الصورة السلبية للآخر عند الأيوبي أکثر حضورًا من الصورة الإيجابية، وکانت البلاد العربية وقتئذٍ ترزح تحت وطأة الاستعمار الغربي بأطماعه التوسعية لإعادة هيمنة عصر الإمبراطوريات الاستعمارية إلى الواجهة السيادية مجددًا؛ فجاءت الصور السلبية متناولة الآخر الفرنسي والبريطاني والألماني والهولندي واليهودي، وجاءت الصور الإيجابية متمثلة في مواقف الآخر السويدي والآخر الروسي الإيجابية من المعترکات الحربية في البلاد العربية، وبخاصة إزاء القضية الفلسطينية والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، إضافة إلى مواقف الآخر الإندونيسي والباکستاني والأفغاني، وتأييد ثوراتهم الانفصالية الحالمة بالاستقلال.