اللغة کائن حيٌّ ؛ فهي حية إذن وسط مجتمعات مختلفة ، وکل مجتمع يتبادل أهله اللغة في مواقف situations مختلفة ؛ فتتعدد دلالات الکلمة
الواحدة ؛ ذات البنية الصرفية الواحدة ، بتعدد السياقات المختلفة التي تتبادل هذه الکلمة ؛ فعين الماء ، غير عين الشمس ، غير عين الشيء ، غير عين الجيش ، غير العين المبصرة .
ومن اللافت للانتباه أن هذه الاستعمالات المختلفة لکلمة العين ، في سياقاتها المختلفة ، قد أعطت دلالة تختلف تمامًا عن دلالتها في الاستعمالات الأخرى ، لکن – مع هذه الاختلافات الدلالية – فإنه قد لُوحِظ أن هناک رابطًا دلاليًّا يربط بين هذه الدلالات المختلفة فـ" العين والياء والنون – کما ذکر ابن فارس – أصلٌ واحدٌ يدل على عُضوٍ به يُبْصَر ويُنْظَر ، ثم يُشتق منه ، والأصل في جميعه ما ذکرنا " ، وکذلک الجذر ( أ ز ق ) – في جميع استعمالاته – له أصلٌ واحد يعني :" الضيق " ؛ وقد قام هذان المعجمان على هذه الفکرة التي تُسمَّى ( الدلالة المحورية ) ، وقد أصَّل کذلک لتک الفکرة العلامة الدکتور محمد حسن جبل في معجمه الرائد ( المجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الکريم ) ، وهذا لا ينفي وضوح تلک الفکرة في المعاجم الشاملة مثل ( العين ) وغيره ؛ غير أن مثل هذه المعاجم لم يصرح بهذا الرابط الدلالي بالشکل الذي صرح به ابن فارس ، وصاحب المعجم الاشتقاقي ، وکذلک السفر العظيم لمجمع اللغة العربية المسمى بـ( المعجم الکبير ).
وعلى هذا فالدلالات المصاحبة للمفردات خاصة ثلاث دلالات :
- الأولى : الدلالة اللغوية أو المعجمية .
- الثانية : الدلالة السياقية .
- الثالثة : الدلالة المحورية .
والسؤال الذي يطرح نفسه واهبًا للباحث فکرةَ هذه الورقة البحثية : أهناک اختلاف بين الدلالتين السياقية والمحورية ، وذلک من خلال التطبيق المقارن بين ما ورد في المعاجم الشاملة من دلالات سياقية ومحورية ، وما ورد في نصِّ الحديث الشريف ؟
ومن ثَمَّ کان اختيار عنوان هذه الدراسة :" استعمالات مادة ( ب ي ع ) ومشتقاتها في صحيح البخاري بين الدلالتين السياقية والمحورية : دراسة
تحليلية ".