يبقى الصراع الديني أحد محرکات الأحداث في مسيرة الإنسانية، وکذلک الحضارة العربية الإسلامية، وکان القرنان الرابع والخامس الهجريان حافلين به، کما کان الآبي(421هـ) لسان أحد أطرافه فيهما، لذا عمد إلى النصوص النثرية التي أبدعها أئمة الأمة دينيا وسياسيا، وهي مرتکز الحکم بأحقية أطراف الصراع، کما أنها مضان النصوص الرفيعة التي أبدعوها من خطب، ورسائل، وجوابات، وأخبار، فضلا عما أنتجته الأمة من أدب شعبي کالنوادر، والحکايات، والمنامات، وقدم الآبي کتابه نثر الدر في المحاضرات؛ ليخاطب قارئه محاولا إقناعه بما يراه موظفا مختلف أنواع السرد بعد إحداث إبداع فيها، وأساليبه الإبداعية هي: (أ) الإتيان بالغريب: إذ يضيف إلى السرد غريبا يثير المتلقي ويمتعه، ويوظف لتأييده، (ب) الحذف من السرد: إن تضمن السرد ما لا يوافق عقائده يحذفه، ويعيد توظيفه، (ت) تغيير الثيمة المرکز في السرد: يأتي إلى مرکز النص، فيحدث فيه تغييراً؛ مما يعيد توظيفه، (ث) الزيادة على السرد: فيضف إليه حدثا، أو شخصا، أو سواهما، لتغيير وظيفته، (ج) تکرار النصوص: يکررها، فيذکر السرد کما في کتب الأدب، ثم يذکره بعد أن يحدث فيه ما يغير وظيفته، (ح) تشقيق النصوص وتجميعها: إذ يعمد إلى سرد فيقسمه إلى نصوص، فيعزل أحداثه عن بعضها مما يعينه على توظيفها، کما أنه يأتي إلى أکثر من سرد فيجمعها في سرد واحد بعد أن يغير فيها، فيظهرها بغير ما کانت عليه، (خ) إبداع النصوص: هنا ذروة الإبداع إذ يأتي بسرد لم يُسبق إليه، فيوظفه لخدمة صراعه الديني.