ترکز هذه الورقة على محاولة فهم حجم التأثير الإيراني على حرکة "حزب الله" الشيعية اللبنانية. وقد کان الدافع الرئيس خلف هذا الاهتمام هو وضوح الدور الأبوي لإيران تجاه الحرکة أيديولوجيا ودينيا. کما أن البرنامج السياسي للحرکة مستمد من أطروحات الثورة الإيرانية، التي قدمت نخبها الدعم المالي والسياسي واللوجستي من أجل قيام حزب الله.
لقد قام حزب الله في العام ١٩٨٢ کتنظيم شيعي وممثل أيدلوجي لإيران. وخلال الأعوام العشر التالية، تطور حزب الله ليصبح مؤسسة معقدة؛ فقد أصبح قوة سياسية رئيسة في لبنان، وبرز في الوقت نفسه في المنطقة کقوة عسکرية ثقيلة الوزن وخارج نطاق سلطة الدولة، وما کان لحزب الله أن يحقق ما حققه لولا الدعم الإيراني.
وعلى مدار الثلاثين عاما الماضية، أثبتت الشراکة الاستراتيجية بين حزب الله وإيران کونها علاقة نفع متبادلة. فمن إيران، يحصل حزب الله على عشرات الآلاف من الصواريخ، ومئات الملايين من الدولارات سنويا، فضلاً عن الدعم التدريبي واللوجستي العملياتي. بينما تتمثل استفادة إيران من حزب الله في حصولها على نافذة ممتدة على البحر الأبيض المتوسط وما وراءه - ووسيلة لاستهداف أعدائها عن بعد مع قدرة معقولة على الإنکار.
ومن ناحية أخرى، فإن حزب الله الشيعي اللبناني هو جزء من مخطط جيواستراتيجي إيراني لتأسيس "قوس نفوذ شيعي" يمتد من ايران عبر العراق وسوريا ولبنان. ومع تورط حزب الله على نحو دراماتيکي في دعم نظام بشار الأسد العلوي في حربه الداخلية الدامية، فقد لحق بالتنظيم الشيعي اللبناني خسارات سياسية ومادية واجتماعية فادحة جراء تدخله في الحرب الأهلية السورية. وقد تخلق هذه الخسائر أزمة وجودية محتملة لحزب الله في لبنان.