لا يُتصوَّر في حقّ أيّ لون من ألوان الفنّ أنّه تبلور وأصبح بناءً قائماً بذاته من دون مروره بمراحل، ومن أولى تلک المراحل هي النشأة؛ ابتداءً من الظروف والإرهاصات التي سبقتها ومروراً بتخلّقه وانتهاءً إلى ولادته، والشعر أحد تلک الفنون التي أبدعها العقل البشري واعتنى بها عناية فائقة، حتّى أصبحت له أغراض متعدّدة واستهلالات خاصّة وأساليب متنوّعة، ثمّ مذاهب ومدارس لها خصائص وسمات اتسمت بها، ولم يکن شعر الطفّ –وهو في الأساس قائم على الرثاء- على خلاف غيره من ألوان الشعر، بل مثلها تقلّب في أدوار ومراحل حتّى وُلِد من رحم الأدب العربي الأصيل.