تحاول هذه الدراسة رصد مراحل التطور التي مرت بها الکاتبة المصرية بداية من القرن العشرين وحتى نهايته، فمع تقدم الزمن تحولت الکتابة النسوية من کتابات تنادي بحقوق المرأة في العلم والعمل ککتابات ملک حفني ناصف أو القصص التي صورت استهجان المجتمع الذکوري للمرأة التي استجابت لهذه النداءات؛ فتعلمت وعملت کقصص الدکتورة عائشة عبد الرحمن إلى کتابات إبداعية في نهايات القرن العشرين تتجلى فيها مظاهر الفقد للذات، والشعور بتشتتها، و ضياعها في ظل عالم تحکمه الأنظمة المادية و تحرکه الآلات، فغلب طابع الذاتية على الکاتبات النسوية، ووقعت الکاتبة تحت براثن تضخم الذات، فتنتقد و تهدم ثقافة کل ما هو ذکوري و تحتفي بکل ما هو أنثوي، وتمنح أدوار البطولة والفاعلية في قصصها لشخصيات نسائية بينما تحصر أدوار الذکور في نطاق الهامش، وأصدق نموذج على ذلک قصة (لابد أن) لسحر الموجي إذ تمنح بطلة قصتها الفاعلية المطلقة في تحريک الشخصية الذکورية التي ألحقت العجز الکامل بها، فالرجل في هذه القصة کالدمية تماما.
وبمجرد أن ترتد الکاتبة إلى عالمها الواقعي تکتشف زيف عالمها المتخيل الذي تقلب فيه أدوار البطولة و فيه تتضخم ذاتها الأنثوية کذات تعبر عن کل بنات جنسها وليس بالضرورة ذاتها الحقيقية، فتقع في حالة من الصدام مما يدفع بها إلى وضع نهايات مأساوية لشخصيات قصصها، کقصة (السراب) لجاذبية صدقي و قصة (عالمي المجهول) لأليفة رفعت، حيث انتهت القصتان بجنون البطلة الرئيسية.
وقد تلجأ الکاتبة لنهاية أخرى تعکس وقوعها في حالة من الصدام مع الواقع إذ تجعل بطلة قصتها تتمرد على حقيقة جنسها کأنثى، فتتنکر لأنوثتها ومن ذلک قصة ( مجرد رقم) لإيمان الحنفاوي، إذ ترفض البطلة على طول القصة الاعتراف بکينونتها کأنثى، وکقصة (رجل..رجل) لعزة عدلي حيث تحاول بطلة القصة التنکر لليلة واحدة بملابس الرجال ولکنها رغم ذلک لا تشعر بذاتها الضائعة، فتقرر العزلة والانزواء في رکن مظلم منعزل..
وقد تعالج الکاتبة حالة الصدام مع الواقع بطريقة تعبر عن وعيها بذاتها الأنثوية و بالتصالح معها. إذ تجعل بطلة قصتها تهتم بمحاورة ذاتها ومناجاتها، فتخلو القصة من الشخصيات إلا من البطلة وذاتها، وتعتمد هذه النوعية من القصص دائمًا على ضمير المتکلم في سرد الحوار، على عکس القصص ذات النهايات المأساوية والتي يکون فيها الراوي غائب کلي المعرفة بالشخصيات أو ما يُعرف بـــ"الرؤية من الوراء" .
منهج الدراسة: القراءة الثقافية.
وتنقسم الدراسة إلى: تمهيد، و ثلاثة فصول، وخاتمة.
الفصل الأول_ القصة القصيرة في مصر و إرهاصات کتابة المرأة.
الفصل الثاني_ صور الأنثى النمطية في القصة القصيرة النسوية في الحوار الداخلي للذات.
الفصل الثالث_صور الأنثى المتمردة في القصة القصيرة النسوية في الحوار الخارجي للذات.