تنصب الدراسة في هذا البحث على دراسة أحد معايير أستنباط الأحکام في التلمود البابلي وهو معيار "السهل والصعب" ، وهو المعيار الأول من معايير استنباط الأحکام "המדות שהתורה נדרשת בהן" التي وضعها علماء المشنا ، ويحاول الباحث الوقوف على أساليب نقاش علماء الجمارا لهذا المعيار في باب النکاح في التلمود البابلي وذلک في ضوء طرق الاستدلال المنطقية (الارسطية والرواقية) نظرا لأن وضع علماء المشنا لهذه المعايير تزامن مع طرق الاستدلال التي وضعها أرسطو والرواقيين، کما يحاول الوقوف على اساليب هذا المعيار في ضوء القياس الفقهي أو القياس عند الأصوليين نظرا لأن عملية تدوين مناقشات علماء "الجمارا" لهذه المعايير بدأت في القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) .
أعتمد الباحث في دراسته على المنهج الاستقرائي الاستنباطي وهو المنهج المتبع في الدراسات الفقهية ، وذلک من خلال تتبع أحکام الجزئيات الواردة في باب النکاح في التلمود البابلي والتوصل من خلالها إلى أحکام کلية .
توصل الباحث في نهاية بحثه إلى عدد من النقاط أهمها :
أولاً : أن معيار "السهل والصعب" يربط بين قضايا جزئية في صيغة شرطية ، وهو أقرب إلى ما عبر به أرسطو في الطوبيقا عن القياس .
ثانياً : أن معيار "السهل والصعب" يقوم معيار "السهل والصعب" بأسلوب "אינו דין ש" على إثبات حکم في جزئي صعب لوجوده في جزئي آخر سهل لمعنى مشترک بينهما .
ثالثاً : يمثل معيار "السهل والصعب" أحد ضروب القياس الفقهي والذي أطلق عليه الأصوليين "قياس الأوْلى" .