عُنِيتُ في هذا البحث بدراسة أنساق الخطاب للسياقات الأربعة الواردة في القرآن الکريم لموقف الدعوة والحجة بين موسى وهارون –عليهما السلام- وبين فرعون وملئه في القرآن الکريم، الذي جعل من ذلک الموقف مقدمةً يُمَهِّد بها بين يدي قصص سحرة فرعون کلما تعرّض لذکره فيه. ذلک في محاولة للکشف عن أثر السياق في تشکيل تلک الأنساق، متکئًا في دراستي على الاستقراء والتحليل، وبعض أدوات علم اللغة الحديث، ولاسيما ما يندرج منها تحت المنهج السياقي.
وقد أثبتت هذه الدراسةُ -بما توصّلَتْ إليه من نتائج جديدة- أن الطريقة التي عَرَضَ بها القرآنُ الکريمُ ما ورد فيه من قصص لا تزال تُمثّل قضيةً تنتظر مِن الباحثين الکثير؛ کي يضيئوا جنباتٍ کثيرةً منه بما امتلکوه من أدوات لم تکن لسابقيهم، ولاسيما في تناوله مِن منظور "المقام" أو "سياق الموقف"، وأنّ الکلمة الأخيرة في هذا الشأن لم تُقل بعدُ.