کثيرا ما يعاني النقد الروائي من محاولات ربط "معنى" الرواية بالواقع، فيتأثر التناول بالواقع اللحظي، دون کبير نظر لآليات التکثيف اللغوي أو التکوين المجازي فيها. وقد نالت رواية بهاء طاهر الأولى"شرق النخيل"حظا قليلا من الدرس النقدي ربطها في الغالب بـ"معنى" الرواية واستقراء دلالة الأرض، وذلک على الرغم من وضوح نظام أدوات مائزة للکاتب. والبحث يقرأ الرواية بوصفها حملة على الأبوية بکل مستوياتها من البيت والقرية والوطن بصفة عامة، ويحاول استقراء بنيات وتقنيات تعيننا النظر للرواية بوصفها تشکيلا لغويا وتفسير دور الزمن المکثف لأدواتها؛ حيث جاءت في يوم واحد وبيان دور التداخل الزمني بين يوم الرواية والأحداث السابقة عليها.
ويطبق البحث آليات في شعرية الرواية وهي الاختزال والترتيب والرموز والاستعارة والمجاز والنقض. ففي الاختزال مرت الرواية سريعا على أحداث وشخصيات تاريخية دون تفاصيل لکونها رواية قصيرة معتمدة تکثيف الأحداث، ومرکزة على شخصيات وأحداث ملتبسة التباس يوم الرواية ذاته.
وفي شعرية الترتيب درسنا دور المونتاج الذي التزمه في تداخل الأحداث، وفي شعرية الرمز تبدو النخلة رمزا للتباين بين فرعي أفراد الأسرة البطل وکذلک رمزية الاسم عند حسين.
وفي المجاز نحلل مع الکلب بوصفه مجازا عن الأب، وکذا کان الحصان مجاز عن العم ونؤصل لتنافرهما تراثيا ونبين کيف انحاز المؤلف لما استجد من شفرة المجازين، وفي شعرية النقض نوضح تباين "ليلى"في الرواية مع جدتها السابقة التراثية. ثم نخلص لأبرز النتائج.