لعب الخراج – ضريبة الأرض- کواحد من أهم موارد بيت المال في الدولة الإسلامية، دورا هاما في اقتصاد الدولة الإسلامية والولايات المفتوحة، والتي کان من بينها مصر، التي أخذت به منذ – الفتح الإسلامي لها- تطبيقا لما نصت عليه شروط الصلح الواردة في معاهدة بابليون الأولى عام 19هـ/640 م، حيث نظمت العلاقة بين طرفيها، وحددت الحقوق والواجبات لکليهما دون مبالغة أو تقطير.
وبعد الفتح، واستقرار العرب المسلمين، التزمت مصر بأداء واجبها المالي من جزية وخراج، في عصرها الإسلامي بدء من عصر الولاة خلال حکم الراشدين (9-41هـ)والأمويين(41-132هـ)،ثم في عصر الخلافة العباسية (132-656هـ) وما شهدته من قيام الدول المستقلة بدء من الطولونية(254- 292هـ) محور الدراسة، وانتهاء بالعصر المملوکي(648-930هـ)، وجاء أداؤها في فترات عدة ملتزما دون تقصير من جانبها، أو مبالغة من جانب الحکام العرب، فقد کان لشخص صاحب الخراج تأثيرات واضحة على قيمة المجموع من بالزيادة والنقصان في أحيان کثيرة، لما انتهجه من سياسات خاصة في تطبيق نظام الخراج، وجمع أمواله، سياسات أثبتت أن له أعظم الأثر في توجيه سياساته، وعوائده أو دخوله بالزيادة والنقص، کما کان لهذه السياسات نتائج مترتبة مؤثرة في المجتمع المصري أو الشعب المصري بکل طوائفه بالسلب أحيانا، وبالإيجاب في أحيان أخرى.
ولهذه الأهمية، ولخطورة الدور الاقتصادي الذي يلعبه، اخترت أن يکون هذا النظام المالي، وسياساته، ووسائله، محور هذه الورقة البحثية في محاولة لکشف الغموض الذي يکتنف هذه الفترة من تاريخ مصر، وتأثيرات شخص صاحب الخراج، في محاولة لتقديم صورة واضحة، والنموذج الصحيح لصاحب الخراج الملتزم بمبادئ دينه، والقواعد العامة لوظيفته.