الحکم فى مصر آل إلى حکام أجانب منذ عام (525 ق.م.) وتتالت عليه قائمة طويلة بدأت بالفرس وانتهت بالإنجليز طوال ألفين وخمسمائة عام، وقد أدى استمرار الاستبداد قروناً بعد قرون إلى إفراز القيم السياسية السلبية والإيجابية معاً والتى تمثلت فى الرضوخ والخنوع والطاعة والامتثال والاستسلام والهروبية والانسحابية واللامبالاة فى مقابل قيم إيجابية مثل القيم الثورية والتمرد والاقتحام والتصدى والمبادرة والجرأة والشجاعة.
وهذه الجدلية أفرزتها الخبرة التاريخية للمجتمع المصرى فقد سيطرت السلبية واللامبالاة أو الصبر والوقوف موقف المتفرج حتى تغيير الأحوال أو الوقوف موقف المنافق المستضعف أمام السيد الجبار لکى ينال أکبر نصيب من الأسلاب بأقل مجهود.
کما استخدم المصريون ضد المتسلط أساليب خفية (الکسل والتخريب) أو رمزية (النکات والتشنيعات) وهذا خلق ازدواجية فى العلاقة: رضوخ ظاهرى، وعدوانية خفية، وأبرز مثل على هذه الازدواجية هو موقف الرياء والخداع والمراوغة والکذب والتضليل.
و هکذا استخدم المصريون أسلوب السيد المتسلط نفسه وخاطبوه بلغته نفسها، الکذب والخداع والتضليل وهى قوام اللغة التى يخاطب بها المتسلط المصريون.
کما استخدم المصريون أساليب أخرى للمقاومة السلمية منها هجر الأراضى وإحراق وتخريب المحاصيل وأبضاً استخدم المصريون أساليب العنيفة منها للتمردات والانتفاضات والثورات.