شهد المجتمع المصري العديد من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 وحتى الآن ، فعلى صعيد التحولات السياسية يتمثل أهمها في قضاء ثورة يوليو على النظام السياسي الملکي " الليبرالي " وإحلال نظام ثوري ألغى التعددية السياسية وألغى الأحزاب ، وتطور تاريخياً إلى نظام "الحزب الواحد " الذي کان يمثله الاتحاد الاشتراکي ، ثم شهد عصر الرئيس السابق محمد أنور السادات إلغاء الاتحاد الاشتراکي العربي والسماح بقيام أحزاب سياسية . ثم شهد النظام السياسي المصري تحولاً في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارک تمثل في إدخال تعديلات دستورية أدت إلى تحويل انتخاب رئيس الجمهورية من نظام الاستفتاء إلى نظام الاقتراع المباشر. ثم جاء التحول الأبرز في النظام السياسي المصري في العقود الأخيرة الذي تمثل في قيام ثورة 25 يناير 2011 - التي أطاحت بحکم الرئيس السابق محمد حسني مبارک - ، وانتخاب أول رئيس مدني – أطاحت به ثورة 30 يونيو 2013 - . أما على صعيد التحولات الاقتصادية فيأتي في مقدمتها التحول في استراتيجية التنمية من الاعتماد على القطاع العام إلى الاتجاه نحو تبنى سياسات الانفتاح الاقتصادي والخصخصة. أما على صعيد التحولات الاجتماعية والثقافية فيتمثل أهمها في غياب العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل والثروة في ظل سياسات الانفتاح الاقتصادي والخصخصة ، وانتشار ثقافة الاستهلاک ، والتأثير السلبي على النسق القيمي للمجتمع المصري .
وقد کان لهذه التحولات تأثير کبير علي سمات الشخصية المصرية ، حيث ترتبط سمات الشخصية المصرية بالتغيرات التاريخية والبنائية التي تحدث في المجتمع , ومن ثم فهذه السمات ذات طبيعة متغيرة مثل البنية التي تشکلها , وفي الوقت نفسه تتسم بالاستمرار النسبي , فالجديد من السمات يستدمج في القديم , بحيث إنه لا يمحوه ولا هو يخل به وإنما يتفاعل معه ويفرز نمطاً جديداً من الشخصية ، لذا فشخصية الإنسان المصري المعاصر هي نتاج المجتمع المصري .
ومن هنا تحددت مشکلة الدراسة في رصد وتحليل تأثير التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها المجتمع المصري في العقود الأخيرة على سمات الشخصية المصرية.
وفي سبيل تحقيق أهداف الدراسة تم القيام باستعراض للدراسات الوصفية والمنهجية التي حاولت تحديد سمات الشخصية المصرية ، کما تم تطبيق استمارة المقابلة المقننة على عينة عمدية بالحصة – قوامها 300 مفردة - وفقاً لمعياري المهنة والتعليم من بعض الشرائح الاجتماعية في مدينتي طنطا وکفر الشيخ ، وجامعات طنطا وکفر الشيخ والمنوفية وبنها ودمياط .
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة الحالية استمرار سمات ايجابية مثل التدين والصبر والفکاهة والمرح والصبر ، والارتباط بالأرض والأسرة ، والاعتزاز بالکرامة ، والوطنية والفداء ، والکرم ، والتسامح . کما اتضح استمرار سمات السلبية واللامبالاة والفهلوة والتحايل والنفاق والکذب والتناقض والازدواجية في ظروف خاصة ، وفى فترات تاريخية بعينها تزداد فيها حدة التناقض والظلم الاجتماعي ، ويزداد فيها استبداد وتجبر السلطة الحاکمة.