تهدف هذه الدراسة إلى الاستعانة بالدراسات الأسلوبية الحديثة للکشف عن مظاهر أنسنة الحيوان في الشعر الجاهلي، ودور هذه الأنسنة في الکشف عن طبيعة هذا الشعر الذي ما زال قابلاً للتلقي والتأويل، فکما أنّه لا يمکن عزل هذا الشعر عن بيئته التي أُبدع فيها، فإنّه لا يمکن جعل هذا الشعر بمنأى عن الظواهر الأسلوبية التي اعترت بنيته بوصفه دالاً على معنى قابل للتشکّل في ذهن المتلقي.
إنّ ثقافة الشاعر الجاهلي، وثراء شعره بالرؤى الفکرية، والبنى الفنية سمح بأنسنة واضحة للحيوان في کثير من النصوص الشعريّة، ممّا يُبرز أهمية هذه الدراسة في بيان العلاقة الوثيقة التي تربط الشاعر الجاهلي بحيوانات بيئته الصحراوية، ومعرفته الدقيقة بطبائعها وصفاتها التي ظهرت في لوحات شعريّة ذات انسجام مع حالة الشاعر النفسية، ورغبته في إضفاء الطابع الإنساني عليها بعدما أصبحت جزءاً من حياته اليومية.