تعتبر شخصية أبو الاعور السلمى نموذجاً للدلالة على عمليات الانحياز والتبرير السياسي والايديولوجي في الرواية التاريخية الإسلامية ، وعلى الرغم من أن بعض المصادر تناولت الشخصية ، بأوجه موضوعية في مواضع عدة ، وکذلک بانتقاد لاذع وبعاطفة في مواضع أخرى إلا أن الترکيز على الجانب السلبي أو تصنيفه بمحور الشر المطلق ، کان هو السمة الغالبة في الکثير منها ، خاصة ربط الرواية التاريخية لهذه الشخصية - بشخصية الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان ( 41 هـ - 661 م / 60 هـ- 681 م ) ، وخلافة مع على بن أبي طالب ( 35 هـ - 655 م / 40 هـ- 641 م ) ، في صراع الفتنة الکبرى ، التي کانت تجري فيها الأحداث بسرعة کبيرة وبحجم غير معتاد.
هذا وقد حاولت الدراسة ، معالجة توهمات عمليات الانتقاء والتحيز ومحاولات التبرير ، في النص التاريخي الذي تناول شخصية أبو الأعور السلمي ، و تفسير سبب الزخم الواضح لظهوره تاريخياً إبان صراع الفتنة ، وربطت الدراسة ذلک بکونها الفترة التي شکلت المحفز الايديولوجي الأقوى الذي صنع داخل الفرق الاسلامية الرغبة في تشکيل صورة الرواية التاريخية وتصوراتها بناء على ارتباطاتها بالمذاهب ، وذلک في ظل الدعاية السياسية والأيديولوجية التي لعبت دورا کبيرا في ربط أبو الأعور السلمي بقضايا تاريخية هامة ، وجعلها في النهاية أحد مصادر التوتر والصراع والقراءة السياسية في رواية التاريخ الإسلامي التي تم تدوين نصوصها في العصر العباسي.