لقد اختارت الدراسة لفظاً قرآنياً دار حوله جدل وخلاف بين النحويين فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المفسرين من جهة أخرى وهو (کلا)؛ لأن لها في القرآن الکريم مواقع خاصة، وأثراً خاصاً؛ لأنها تنبئ عن حوارٍ مفتوح تعلو فيه النبرة، ويفيض بالانفعال، ووجودها في السياق ينبه إلى معنى عظيم قد لا يسلِّم المخاطب به للمتکلم من بداية الأمر، فيحتاج إلى هذا الحرف ليقرر معنى يستدعيه السياق، وقد کثرت الأقوال حول دلالتها واختلفت السياقات التي تضمنتها والإشعاعات التي بثتها من موضع لآخر، وهذا ما سيدور. حوله البحث- إن شاء الله - .
ونهدف من هذه الدراسة بيان الخصائص البلاغية للسياق الذي ترد فيه (کلا) مع دراسة تأثيرها المباشر، والبعيد على المخاطب والإشارة في أثناء ذلک إلى جذور المعنى بعدها والمعاني التي تنبئ بها، وتشير إليها قبلها، وأخيراً تحديد مدلولها في المواضع التي وردت فيها في القرآن الکريم، وليس الهدف مجرد تعداد معانيها؛ لأن هذا مما فُرغ منه ممن کتب عن (کلا) ومعانيها: مکي بن أبي طالب القيسي في کتابه (الوقف على (کلا وبلى) في القرآن الکريم /حققه د / حسين نصار ونشرته کلية الشريعة ببغداد في العدد الثالث من مجلتها سنة : 1967م. وکذلک کتب ابن فارس عنها في کتاب (کلا وما جاء منها في کتاب الله ) نشرت ضمن ثلاث رسائل ت/ عبدالعزيز الميمني الراجکوتي وطبعته المکتبة السلفية / القاهرة 1387هـ . وإن کان ثمة خلاف حول المعاني سنحاول الوقوف على الراجح خلال استقراء السياق ، ومراجعة المفسرين واللغويين ، وترجيح الذي يقتضيه السياق والمقام .