يقول عالم النفس الشهير سيجموند فرويد أنه لم يعرف قط أى أمثلة مشابهة لأناس يسخرون من أنفسهم مثلما يفعل اليهود. إلا أن الفکاهة الناتجة عن الجماعات اليهودية على مر العصور و ما بين شعوب الارض المختلفة کانت لها سمة مميزة ساعدتهم على کسر الحواجز الاجتماعية أو على أقامتها و محاربة الآخرين من ورائها. وفى أغلب الأحيان تمثل السخرية من الذات و التهکم على نواقصها فى معاملتها مع الأغيار أحد أهم مميزات الفکاهة اليهودية. ولکن إذا ما أمعن الدارس ما وراء ذلک لأدرک ما فى تلک السخرية من نزعة إنتقامية خبيثة تستتر وراء حائط جلد الذات و التهکم عليها بينما المقصود طوال الوقت هو الآخر. فهناک نوع من إسقاط الذنب على الآخرين و وصمهم بالنقص و من ثم التهکم عليهم. و هنا يصبح جلد الذات هو جلد للآخر و بالتالى تسقط الحواجز و تذوب الفواصل ويصبح الساخر اليهودى هو بؤرة الحدث يصيب بنيرن تهکمه ويضرب بمعول الهدم کل من هم فى محيطه الإجتماعى. و تقوم هذه الدراسة بالنقد و التحليل الموضوعى على محاولة سبر أغوار تلک النزعة الإنتقامية الکامنة فى الفکاهة اليهودية الساخرة فى الروايات الأولى لأشهر الکتاب الأمريکان فيلب روث. فالشخصيات الرئيسة فى تلک الروايات تسخر من نواقصها و تتهکم على ما فيها من عيوب و فى ذات الوقت تتهکم على کل من هم فى محيطها الإجتماعى و تلقى باللوم عليهم و تفضحهم و هى بذلک تعمل على الإنتقام منهم جميعاً.