يتناول هذا البحث الموت وأثره الحضاري في المشرق الاسلامي من القرن (4: 7هـ) وقد قُسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث فألقى المبحث الأول الضوء على حالات الموت. فقد خُلق الإنسان مقدرا له الموت بعد حياة محددة عند الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فليس للموت أسباب، لکن تعددت حالاته ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية وغيرها.
کما تطرق المبحث إلى الوصية وکيف انها تختلف باختلاف المواقف والظروف، ومنها وصية سياسية بالحکم ، ووصية برعاية الأولاد، ووصية بالأموال والممتلکات، ووصية بالعلم ووقف الکتب، ووصية بالغسل والدفن .
وتناول المبحث الثاني ما يحدث بعد الموت من مراسيم، فمراسيم الموت کثيرة، وتختلف من مجتمع لآخر، ومن طبقة لأخرى، غير أنها طفيفة جدا، بينما تناول المبحث الثالث أثر الموت على المجتمع سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا)،ثم جاءت الخاتمة تبرز ما توصل إليه البحث من نتائج.
فجميع المعطيات التي تم التوصّل إليها، تقود بطبيعة الحال، إلى جملة مسائل أخلاقية واجتماعية، وهي أن الحفاظ على النفس الإنسانية يعد من أولى المقاصد الشرعية التي اهتمت بها الشرعية الإسلامية، وأولتها عنايتها الفائقة حتى أنها أوجبت الخلود في النار لقاتل النفس الإنسانية، کما تدل على قوله سبحانه وتعالى: ]من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما[، وذلک لأن الإضرار بالغير دون مبرر مقبول يرتضيه الشرع، ويقبلـه العقل السليم يعتبره المشرع الإسلامي والوضعي ـ على السواء ـ تجنيـًا وتجاوزًا على حق الغير، ومن هنا اعتُبر أن للحق صفة اجتماعية وليست فردية، فحسب تراعى فيه مصلحة الأفراد والجماعات بما يضمن تسيير الحياة.
وفي الختام عش ما شئت فإنک ميِّت، وأحبب ما شئت فإنک مفارقه، واعمل ما شئت فإنک مجزيٌ به، الموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل، ولا نکتفي أن نؤمن بالموت، بل أن نستعد له بالتوبة النصوح، والعمل الصالح، والبذل والتضحية، والإقبال على الطاعات.