يهدف هذا البحث إلى دراسة الأدوات الفنية التي يستخدمها الکاتب المسرحي ديريک والکوت في توجهه نحو تحرير الشخصية الکاريبية من براثن الثقافة الاستعمارية. رکزت الدراسة على استخدام والکوت لأداة التناص مع الموروث الأدبي الکاريبي وخاصة الفلکلوري منه الذي يوظفه بکل معطياته اللغوية و شخصياته الدرامية وکذلک مکان الإحداث والأسلوب السردي في إعادة النظر في التجربة الاستعمارية بهدف خلق حدث درامي يرمز إلى طرق الخلاص من هيمنة وسلطة هذه الثقافة العنصرية، کما يستخدم والکوت أداة اجترار التاريخ الاستعماري من خلال ذاکرة أبطال مسرحه والذي يقدمه والکوت من خلال تبنيه لتقنية "المسرحية الحلم" حيث يتحرک الحدث الدرامي بيسر ذهابا وإيابا في منطقة أللاشعور ليظهر الصور النمطية التي أنتجتها عقلية المستعمر محاولة في ذلک طمس هوية الشعوب المستعمرة وفقدها الثقة في قدراتها و بالتالي فرض الوصاية عليها وإخضاعها. يهدف والکوت من خلال إعادة تقديم تلک الصور النمطية للآخر إلى تطهير الشخصية الکاريبية من هذا المنتج الثقافي الاستعماري و الخروج بها من هذا النفق المظلم نحو نظرة موضوعية للنفس کهجين ثقافي مستقل بعيدا عن کل الانتماءات العنصرية والعرقية التي تفرق ولا تجمع.
ترکز الدراسة على مسرحيتين لوالکوت وهما تى جين و إخوته (1957) و حلم فوق جبلاية القرود (1967)، وهما من أفضل ما قدم الکاتب من ناحية البناء الدرامي المکتمل الجوانب و کذلک من ناحية إبرازهما لموضوع توجه الکاتب نحو تحرير الشخصية الکاريبية. يستفيد الباحث في دراسته من أفکار الکاتب والناقد فرانتز فانون کما قدمها في کتابيه بشرة سوداء و اقنعة بيضاء (1952) وأکثر أهل الأرض تعاسة (1961) لما لهذين المؤلفين من تأثير کبير على الصياغة الدرامية والفکرية لأعمال ديريک والکوت.
تخلص الدراسة إلى أن تحرير الشخصية الکاريبية من التراث الفکري الاستعماري يکون من خلال العمل الجاد نحو إثبات الذات ولزوم الجماعة وتنمية الشعور بالانتماء، فذلک، کما في حالة شخصية "تى جين" في تى جين و إخوته، يمکن الإنسان من مجابهة سطو الفکر الاستعماري، کما أن تحرير الشخصية الکاريبية لا يکمن في انصهارها في الثقافة الاستعمارية لتصبح جزءا منها، ولا حتى من خلال النکوص لثقافة وأرض الأسلاف، فذلک کله لن يؤدى إلا إلى مزيد من التفکک والفصام الذهني والثقافي. إن تحرير الشخصية الکاريبية کما يرى والکوت من خلال شخصية "ماکاک" في حلم فوق جبلاية القرود يکمن في إدراک هذه الشخصية بأنها هجين ثقافي فريد ينتمي إلى جزر الکاريبي وان هذا الهجين الثقافى هو بذاته الهوية الکاريبية.