تنطلق الدراسة من تصور وجود مبالغة کبيرة بخصوص التأثيرات الناجمة عن التدريس بغير اللغة العربية على الهوية في العالم العربي؛ فمن الممکن التدريس باللغة الإنجليزية مع ضمان الانتماء للهوية. وارتباطا بتلک الفرضية فإن الدراسة ترى أيضا أن ضعف الهوية ناجم عن ضعف العرب الحضاري بشکل عام وليس عن ضعف في انتماءاتهم أو لغتهم. من هنا فإن الدراسة ترتبط بمحاولة سوسيولوجية تهدف إلى الکشف عن طبيعة تأثير التدريس باللغة الإنجليزية على طلبة الجامعة الأميرکية في أقسام العلوم النظرية مثل الاجتماع وعلم النفس والأنثربولوجيا والعلوم السياسية والاتصال والإعلام من أجل الوقوف على الکيفية التي تشکلت بها هوياتهم والتعرف على مدى انتماءاتهم المجتمعية وإلمامهم بالقضايا الحيوية المختلفة.
ومن خلال مراجعة الاتجاهات النظرية الاجتماعية والنفسية تنتهي الدراسة إلى مجموعة من الموجهات النظرية تشتمل على الترابط بين الجوانب الذاتية للفرد وبين الهويات التي يتبناها ويرتبط بها،حيث يظل البناء الاجتماعي هو المجال الأوسع الذي تتشکل فيه الهوية، وهو ما يضعها دائما بين الثبات والتغير.
اعتمدت الدراسة على مقابلة مجموعة من طلبة الجامعة الأميرکية بالقاهرة بلغ عددهم 35 طالبا وطالبة من کل من أقسام الاجتماع وعلم النفس والاتصال والإعلام والأنثروبولوجيا،حيث اعتمد التحليل المنهجي على جانبين الأول کمي يرصد البيانات الأساسية الخاصة بالطلبة والثاني کيفي يعتمد على تأکيد النتائج من خلال ما يقوله الطلبة ذاتهم أثناء تطبيق استمارة المقابلة غير المقننة عليهم.
هذا وقد انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أبرزها أن هوية طلبة الجامعة الأميرکية المحاطة بسياقات اجتماعية وأنماط سلوکية معينة واستخدام مکثف للغة الإنجليزية تتسم بمرونة عالية محکومة بظروف تخلف المجتمع المصري والتفاوتات الحادثة بين شرائحه الاجتماعية المختلفة. وهو أمر کشف أن التدريس بغير العربية لم يؤدي إلى حالة إضعاف لطلبة الجامعة الأميرکية ولم يؤدي إلى تشکل هويات جامدة وصارمة لهم في مواجهة السياقات الاجتماعية المحيطة بهم قدر ما أسهم في تنامي قدراتهم المعرفية وفتح أبواب العمل واسعة أمامهم مقارنة بقرنائهم من خريجي الجامعات المصرية الأخرى، کما أنه ساعد أيضا على التواصل بين الخارج الأجنبي من ناحية والسياق الاجتماعي المحلي من ناحية أخرى.