تتضمن قصة يوسف عليه السلام کما وردت فى القرآن الکريم العديد من المواقف التى تعرضه لمحن شتى يتخللها أنواع مختلفة من حبس الجسد. فأخوته يقذفونه فى البئر، وامرأة العزيز تغلق الأبواب لتفتنه عن نفسه، کما أن بعض أولى الأمر يلقون به فى السجن دون ذنب اقترفه. وبالإضافة إلى ذلک فإن حرکة الجسد المتمثلة فى سجود أسرته تکريما له تستخدم للتعبير عن بلوغ أعلى مراتب السلطة والمجد. ويلاحظ أن للجسد دورا رئيسيا فى تلک الأحداث بل وفى نسج بناء القصة بأکمله. ومع ذلک لم يلق هذا الدور البارز للجسد أى اهتمام بحثى حتى الآن، ولذلک تسعى هذه الدراسة إلى سد هذا الفراغ من خلال تحليل الوظائف البنيوية للجسد فى قصة يوسف عليه السلام. ولتحقيق هذا الهدف فإن الدراسة سوف تعرض تحليلا بنيويا للقصة يتجلى من خلاله الدور الذى يقوم به الجسد فى بنائها.
ويرکز منهج الدراسة على شکل القصة وليس مضمونها، حيث أنه حظى بکم هائل من التحليل فى سياق علوم التفسير، ويقوم المنهج التحليلى للدراسة على الآراء السردية لکل من دانيل بندى و کلود برمون، إذ أن المزج بينهما يوفر أداة تحليلية فعالة تمکن من الغوص فى أعماق القصة وکشف الخيوط البنيوية التى ينسجها الجسد فى کل جنباتها. وتکشف الأداة التحليلية المستخدمة أن قصة يوسف تتکون من عدد من الوحدات القصصية ترتبط وفق نمط محدد و ثابت ويتخذ دور الجسد فى نسجها أشکالا متنوعة.