ظهر في الآونة الأخيرة اتجاه نقدي جديد يعرف بالنقد البيئي، وهذا الاتجاه يعنى بمدى ارتباط الکاتب بالطبيعة وقضايا البيئة، وهو يتناول الإنتاج الأدبي للشعراء والروائيين وغيرهم من الأقلام المهتمة بالطبيعة والبيئة.
وتعد ماري أوليفر واحدة من الشعراء الأمريکيين المعاصرين غزيري الإنتاج، فقد ولدت أوليفر بولاية کاليفورنيا في عام 1935م واهتمت بالشعر مند نعومة أظفارها ولها العديد من الدواوين التي تعکس اهتمامها الکبير بالطبيعة والعالم المحيط بها، ويأتي ديوان البدائي الأمريکي على رأس هذه الدواوين الشعرية التي تندرج تحت ما يعرف بالشعر البيئي، وما يجذب انتباه القارئ لهذا الديوان هو أن ولع الشاعرة بالطبيعة يصل بها إلى حد الذوبان في عناصر الطبيعة من حولها إيماناً منها أن العالم الذي يضم کل المخلوقات- من بينها الإنسان- کيان واحد لا يعلو فيه مخلوق على الآخر، وهذا الاعتقاد يجعلها تخلع ثوبها البشري لتجد مکانها بين عناصر الطبيعة المختلفة من حيوانات وطيور وأشجار وأنهار وغير ذلک.
ولکي تحقق ماري أوليفر الاتصال بالطبيعة فإنها تارة تلتهم بعض عناصر الطبيعة لکي تحقق رباطاً مادياً بينها وبين الطبيعة وتارة أخرى تتأمل عناصر الطبيعة وتستغرق في تأملاتها حتى يحدث الاندماج العاطفي بينها وبين الطبيعة، وما يزيد من تفاعل أوليفر مع عناصر الطبيعة هو إدراکها أن الإنسان کباقي المخلوقات يتعرض إلى الموت والفناء مما يزيل الحواجز بينها وبين العالم من حولها.
والهدف من هذه الدراسة هو تناول بعض قصائد ديوان البدائي الأمريکي بالدراسة والتحليل النقدي البيئي للوقوف على مدى ارتباط الشاعرة ماري أوليفر بالطبيعة ووسائلها الأدبية في إبراز هذا التفاعل مع عناصر الطبيعة المختلفة کما تعکس هذه الدراسة النقدية البيئية قدرة الشاعرة على أن تسهم في إثراء ما يسمى بالشعر البيئي بديوانها المتميز وکيف استطاعت أن تجذب القارئ إليه.