عند تناول مکونات قوة الدولة القومية التقليدية نجد أن الاقتصاد أهم تلک المکونات على الإطلاق، إذ أن المکونات الأخرى جميعها ترتکز عليه، وتستمّد قوتها، وحيويتها منه بشکل کبير. فهو يساهم بقوة في تکوين قوة الدولة القومية في محصلتها النهائية، وتنعکس قوته على فعالية السياسة الخارجية لأية دولة في علاقاتها الدولية. فالاقتصاد يؤثر ويتأثر ويتفاعل معها سلباً أو إيجاباً تبعاً لقوته أو ضعفه کمکوّن من مکونات قوة الدولة، ففي حالة ضعف الاقتصاد، کما هو عليه واقع الحال في الأردن ضعفت قوة الدولة طبقاً لضعفه انطلاقاً من تأثيراته، وتفاعلاته السلبية مع المکونات الداخلية الأخرى، وتداخلاتها مع المؤثرات الإقليمية والدولية. الأمر الذي يترتب عليه ضغط کبير على سياسته الخارجية، ويجعل من بين أولويات أهدافها-بدل أن يکون وسيلة وأداة فاعلة لها- السعي الدائم لحقن هذا المکوّن بمصادر الدعم الخارجي المتواصل، وإمداده بعناصر قوة الدفع الاقتصادي اللازم لبقاء الدولة ککيان سياسي قادر على الاستمرار، والصمود أمام تزايد الکثير من التحديات، والأخطار الداخلية والإقليمية. وعليه تزايد ارتباط نمو الاقتصاد الأردني، والقدرة على التعايش مع المشکلات الاقتصادية المزمنة على قرارات السياسية الخارجية بدرجات کبيرة، تلک القرارات التي کثيراً ما کانت تعکس واقعه الاقتصادي الضعيف. وهذا ما اتضح من خلال ما تم استعراضه وتحليله في هذه الدراسة من قرارات سياسية خارجية على امتداد فترة الدراسة (1952-1999)، وهي فترة حکم الملک حسين بن طلال. وقد خلصت تلک الدراسة أيضاً، إلى أن الاقتصاد الأردني-على امتداد فترة حکم الملک حسين- امتاز بالحيوية المستمدة من القدرة السياسية على التکيّف مع الظروف السياسية المستجدة، واستثمارها باستمرار.. حيث استطاعت تلک القيادة من أن تسخّر قراراتها السياسية في أغلب الأحيان للتغلّب على المشکلات الاقتصادية العميقة التي لازمت مراحل تطور الأردن.