استحضر أبو تمام في أشعاره نوافر الأضداد، وأعاد تشکيلها بفعل اللغة التي امتلک ناصيتها، فوّلد منها أنساقاً متحرکة قادرة على استيعاب تصوراته حول رؤيته للحياة والکون، فقدم في شعره صوراً مختلفة للصراع بين العرب والروم، من خلال ثنائيات ضدية حول جدلية الحياة والموت، والراحة، والتعب، والحرکة والسکون، والغضب والرضا، والنصر والهزيمة، وسعى إلى تأکيد وظيفة الشاعر في ترسيخ قيمة هذه الثنائيات الضدية، وشکلت الثنائيات الضدية فاعلية في بناء النص الشعري من خلال توالد الأنساق وتناميها. وقد استطاع أن يجعل من التنافر تماثلاً يظهر أهمية النصر، ويدلل هذا على وعي الشاعر الثقافي تجاه رؤية الصفات التي لمسها في شخصية المعتصم مما سهل عليه أن يطوع الأضداد المتصادمة والاستعارات المتنافرة ؛ لتصبح لغة تحاکي حرکية العلاقات المتشابکة في شعره.
ولعل قصيدته المدحية في فتح عمورية خير مايمثل هذه الظاهرة، کما أنها تکشف عن نوعية التفکير الفني عند أبي تمام الذي يقوم بالأساس على بنية التضاد أو ما يسمى بنوافر الأضداد.