تهدف هذه الورقة إلى اقتراح سياسة اجتماعية ذات أبعاد متعددة للتعامل مع المشکلة السکانية في مصر، هذه السياسة تضع في اعتبارها تحديات العولمة وتحاول التعامل مع التاثيرات السلبية للمشکلة السکانية في مصر، ويتجلى ذلک من خلال تغطية کافة جوانب التنمية، والنوع الاجتماعي، وحقوق الصحة التناسلية، والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، والتواصل السکاني من خلال المعلومات، وأخيرًا الاستناد على الشراکة والحراک القائم على الاستغلال الأمثل للموارد. ومن خلال محاولة الدراسة تحقيق الهدف المنشود آنفًا، سعت الدراسة إلى رصد النقاط الآتية: أولًا: الأبعاد الأساسية للمشکلة السکانية في مصر، والتي تشتمل على أبعاد النمو السکاني، والتوزيع والکثافة السکانية، والخصائص السکانية في مصر بالارتکاز على أحدث الاحصاءات في هذا الشأن. ثانيًا: الأنماط الجوهرية في تصنيف السياسة الاجتماعية على مستوى دول العالم التي تضم السياسة السکانية المباشرة، وغير المباشرة، والمتنکرة. ثالثًا: تتبع تطور السياسة السکانية المصرية منذ الستينات في ظل النظام الاشتراکي، ومرورًا بطبيعة السياسة السکانية في ظل سياسة الباب المفتوح في السبعينات، ووصولًا بتوصيف السياسات السکانية حاليًا، ورصد مثل هذا التطور للسياسة السکانية المصرية أکد على تحول الاتجاهات الخاصة بالسياسات السکانية من الاعتماد على جانب تنظيم الأسرة واختزال التعامل مع القضية السکانية إلى تقديم وسائل منع الحمل، إلى تقييم هذه السياسة من خلال النظر إلى المشکلة من البعد الاقتصادي-الاجتماعي، إلى السعي لشراکة کافة القطاعات: العامة، والخاصة، غير الحکومية، وذلک لن يتأتى إلا من خلال الاعتراف بمبادئ الحاکمية الرشيدة. وتوصلت الدراسة، أخيرًا، إلى أهمية تکوين کيانات وتکتلات من صناع القرار المسئولين، هؤلاء القادرون على تحديد أسس وتبريرات ملائمة للتعامل مع تلک السياسات السکانية، و على وضع البعد السياسي في الاعتبار عند تحليل المشکلة السکانية. وعليه فمثل هذا التوجه يقود إلى تمکين صناع القرار - المعنيين بأجندة السياسة السکانية المصرية- أن يکونوا مشارکين استراتيجيين فاعلين في تقديم سياسات سکانية مصرية أکثر تکاملًا واستدامة.