تتناول هذه الدراسة تحليل تقنيات السرد في رواية : " أصل وفصل " للروائية سحر خليفة، التي اتبعت فيها " السرد الحکائي " لتسرد لنا صراع أسرة آل قحطان التي تقطن مدينة " نابلس " والتي يرجع جذور جدها الأول إلى الربع الخالي في الجزيرة العربية . فتبدأ الروائية بتقديم شخوصها عبر الفصول المختلفة وکانت تعمد إلى عنونة بعض فصولها بأسماء شخصياتها أو سمة من سماتها، والبعض الآخر تمنحه اسم مکان الحدث.
وفي هذه الرواية رکزت سحر خليفة على إبراز صراع الذات، والصراع الاجتماعي، والصراع السياسي، والديني. وقد فعّلت أحداث روايتها المتنامية والمتعالقة کي تظهر العقد النفسية، والاجتماعية، والعراقيل السياسية، والقهر والظلم الواقعين على شعب ضعيف يسود معظمه الجهل، والخرافات، والتعثر بمخلفات الماضي السحيق. إلى جانب الضغوط الشديدة التي يمارسها عليه الانتداب البريطاني، والاحتيال والمؤامرات التي تُحاک ضده من قبل الکيان الصهيوني.
لقد تمثل المستوى الزماني في بنية السرد بعد زوال الامبراطورية العثمانية، وما خلفته من فقر وجوع وأوبئة، وحليف خائن استعمرهم بدلا من أن يمنحهم حرياتهم . ولم يکتف بذلک بل منح الکيان الصهيوني الحق في إنشاء دولة بني صهيون على حساب الشعب الفلسطيني. وقد دارت أحداث هذه الرواية في ثلاث مدن فلسطينية بدءا بنابلس، ثم حيفا، ثم القدس.
تميزت بنية لغة سحر خليفة بشعرية السرد حين وظفت جماليات الإيقاع في نثر متلألئ بشذرات المجاز دون تکلف، وطعمتها باللهجة الفلسطينية في الحوارات الدائرة بين شخصياتها، وتناولت من التراث الأمثال الشعبية، والإشارات التاريخية، ناثرة بعض الکلمات والجمل القصيرة باللغة الانجليزية وبعض الأحيان العبرية لتناسب الموقف والحدث. وقد اسخدمت فن الاسترجاع والاستباق في سردها لحکايتها التي منحتها نهاية يمکن اعتبارها نقطة البداية في الواقع الحقيقي الذي نعيشه اليوم.