شکل الانضمام إلى موقع الفيس بوک إحدى الظواهر المستجدة في المجتمع المصري في السنوات القليلة الماضية. فقد بدا أن الموقع يستقطب فئات اجتماعية متنوعة من حيث السن والمستوى التعليمي والنوع. لقد آثر هؤلاء الانضمام إلى هذا الموقع الاجتماعي الذي يتيح لهم الدخول في إطار مجتمع افتراضي متحرر من إسار کافة المؤسسات المجتمعية وقيودها الثقافية والسياسية والأمنية والإدارية والدينية المألوفة التي تتحکم في حياة المواطن المصري.
وبدا أن هؤلاء إذ ينضمون إلى هذا العالم الافتراضي بشبکاته الاجتماعية الواقعية أو الافتراضية لا يلبثون أن ينخرطوا في العديد من النشاطات التي تساهم بشکلٍ أو بآخر في خلق أو تدعيم رأس المال الاجتماعي عبر آلياتٍ للتعارف والتشبيک وتعميق التفاعلات.
على الرغم من حداثة علاقات الفيس بوک التي لم تتجاوز خمسة أعوام ، أوضحت النتائج قدراً من دور ملموس لهذا الموقع الاجتماعي في تطوير الشبکات والتفاعلات الاجتماعية التي تنطوي على قدر من الثقة والتعاون بما يتيح إمکانات خلق وتدعيم رأس مال اجتماعي.
أسفرت هذه الدراسة الميدانية، التي طبقت على 313 مبحوثا يمثلون مستويات اجتماعية وعمرية وتعليمية مختلفة، عن نتيجة مهمة تتمثل في أن الفيس بوک
لا يعد فقط مجالاً لخلق رأس مال اجتماعي افتراضي جديد بديلاً عن رأس المال الاجتماعي الواقعي وإنما يمارس الموقع الاجتماعي الشهير دوره في تدعيم بعض صور العلاقات الاجتماعية التقليدية، في الوقت الذي يطرح سبلاً وآليات جديدة لخلق وتدعيم أشکال جديدة من العلاقات الافتراضية. ومن ثَمَّ، يتجاور شکلا رأس المال الاجتماعي على الفيس بوک وقد يشهدان بعض المراوحات والتفاعلات.
بدا من الدراسة أن الفيس بوک لا يتوقف عند حدود خلق أو تدعيم رأس المال الاجتماعي وإنما يتيح الفرص والإمکانات لجعل الأفراد منخرطين في عالم أکبر محلياً کان أو عالمياً، ويدعم قدراتهم على المشارکة في الشئون العامة بما يمثل قاعدة محتملة يمکن استغلالها في حفز جهود وقوى التنمية.