إن المتأمل في المجموعة الشعرية المسماة "الزمن الماضي" للشاعر الترکي "ضيا عثمان صبا" يجد أن محور تلک الأشعار يدور حول ثنائية الاغتراب والموت. وقد مثلت التجربة الشعرية لدى ضيا تجسيدًا لمعاناة ذاته في مواجهة ذلک الواقع الممتلئ بکثير من الإحباط؛ ذلک الإحباط الذي فجع الشاعر في أعز ما لديه حين فقد أمه طفلا وعرف اليتم مبکرًا. ثم فجع مرة أخرى عندما فقد هويته الإسلامية تلک الهوية التي تمزقت في ترکيا وضاعت في عهد أتاتورک بسبب التخلي عن جذور الدولة الإسلامية وتراثها الحضاري والثقافي الأصيل.
وقد أوصلت تلک الحال الشاعر إلى الإحساس بالعزلة والاغتراب عن ذلک الواقع الذي يحيط به. ودفعت به خطوة أخرى فجعلته يجد في الموت تحقيقًا لآماله وأحلامه فأخذ الشاعر يتمنى الموت ويتغنى به في قصائده، لأنه استشعر أن هذا الموت هو المخلص الذي يحمل له النجاة والخلاص من تلک الحياة التي يشعر أنه غريب عنها وعن تلک البلاد التي لم يعد يعرفها.