يُعد إقليم "ماجان" ثاني أهم إقليم في منطقة الخليج العربي، وقد ذکرته النصوص المسمارية مع بداية الألف الثالث ق.م. عند إشاراتها المتعددة إلى النشاطات البحرية وخاصة التجارية بين جنوب بلاد الرافدين ومناطق الخليج العربي. والإقليم يضم مساحة واسعة تضم شبه جزيرة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهذه المساحة عرفت قديماً ببلد " مجان" أو"مکان".
ويعتبر إقليم شبه الجزيرة العمانية إقليماً متکاملاً، يحيط به بحر العرب من الجنوب وجبل عمان من الشرق والخليج العربي من الشمال، والربع الخالي من الغرب ويخترق الإقليم من الشمال إلى الجنوب مرتفعات عمان، والتي لعبت دوراً هاماً في اقتصاديات الإقليم. وکان للبحر دوره المؤثر کذلک في اقتصاديات المکان من أقدم العصور، ولعب العمانيون دور الوسيط التجاري بين دول المحيط الهندي ودول الخليج العربي والساحل الشرقي للبحر المتوسط عبر أراضي بلاد النهرين.
ومن الجدير بالملاحظة أن الدلائل الحضارية التي کُشِف عنها في کثير من المواقع والمراکز الحضارية بدولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، إضافة إلى النصوص الملکية الخاصة بالملوک السومريين والأکديين، والعقود التجارية التي تذکر المواد الأولية والکمالية التي کانت من خصوصيات " ماجان"- أزالت کل الشکوک الخاصة بوقوع إقليم ماجان ضمن الرقعة الجغرافية لحضارات الخليج العربي.
وفيما يتعلق بإشکالية تحديد موقع "ماجان" فإن الدلائل التي توافرت حتى الآن قد خلقت رأيا جماعياً لدى الباحثين في أن ماجان هي المنطقة المعروفة اليوم باسم عمان، الواقعة عند النهاية الجنوبية الشرقية لشبه جزيرة العرب.
ويدعم هذا الرأي اعتبار النصوص المسمارية لمجان أنها أرضي النحاس، وقد ثبت بالفعل أن عمان کانت من مراکز إنتاج النحاس قديماً. وقد بات معلوماً من خلال الدراسات الجيولوجية أن مصدر النحاس کان الجبل الأخضر في عمان، حيث اکتُشِفت بقايا المعادن، ويقدر أنه استهلک من معادن هذا الجبل حوالي مائة ألف طن في العصور القديمة. وإلى جانب ذلک فإنه يوجد منطقة باسم "ميجان" تقع بين عمان وتتبعها، وبين البحرين وموضعها إلي الشمال الغربي من مسقط بنحوسبعمائة وعشرين کيلومتر وإلى الشرق من واحة " يبرين" الشهيرة.
وفي ضوء ما تقدم لم يبق أمامنا إلا أن نسقط الشکوک التي تحوم حول تحديد عمان موضعاً لمجان المذکورة في النصوص الخاصة باللغة السومرية والآکدية.