رأى التربويون أنه من الضروري في تعليم القراءة أن يبدي القارئ رأيه، وأن تکون له رؤية خاصة فيما يقدم إليه ، وأن يتعلم المقارنة ، والمقابلة ، والتعليل ، والاستنتاج ، وأن يسترجع خبراته السابقة ، وأن يقارن ما يعرف بما يقرأ ، وأن يحل المشکلات التي تواجهه في ضوء ما توصل إليه ، وأن يربط بين فکره والواقع ، وأن يحول الفکر إلى عمل ، وأن يصل في النهاية إلى ما يمکن أن يطلق عليه الابتکار أو الإبداع أو الاختراع ( فتحي يونس ، 2004م ، ص 25 ) . ومن المفاهيم المرتبطة بالقراءة مفهوم الفهم القرائي ، الذي يعد من أهم مهارات القراءة ، وأهم أهداف تعليمها ، والفهم القرائي عامل مهم من عوامل التفوق ليس على المستوى اللغوي فحسب ؛ وإنما في جميع المواد الدراسية الأخرى ، وينعکس الضعف في الفهم القرائي سلباً على مستوى تحصيل التلاميذ في المواد الدراسية المختلفة ، ولا يقتصر الأمـر على جانب التحصـيل ؛ بل يمتد إلى المهـارات المختلـفة اللغوية منها أو العلمـية أو الاجتماعية . ويعد الفهم القرائي الغاية الرئيسة من دروس القراءة ، وهذا الفهم يتطلب تفاعل القارئ مع المقروء تفاعلاً تکون محصلته بناء المعنى ، حيث يقوم القارئ بإضفاء معنى على النص المقروء بما يتفق وطبيعة المعلومات الواردة في النص من جهة ، والخلفية المعرفية للقارئ وخبرته بالخصائص الأسـلوبية للکـاتب من جهـة أخرى ( ماهر عبد الباري ، 2010 ، ص 23 ) . من خلال ما سبق يتضح أن الفهم أساس عملية القراءة ، فقراءة بلا فهم لا تعد قراءة بمفهومها الصحيح ، والفهم القرائي لا يحدث فجأة ؛ لأنه ليس عملية سهلة تتوقف عند حد التعرف على الرموز المکتوبة والنطق بها ، إنما هو عملية معقدة تسير في مستويات متباينة ، وتتطلب قدرات وإمکانات عقلية وتحتاج إلى کثير من المران والتدريب ، وإعمال الفکر ، والتفسير والتحليل ، والموازنة ، والنقد ( محمد جاد ، 2003م ، ص 18 ) . ونظراً لأهمية الفهم القرائي فقد شهد مجاله العديد من البحـوث والدراسات التي تناولته من حيث : مفهومه ، ومستوياته ،ومهاراته ، والوقوف على صعوباته ، وطرق تنميته، واستراتيجياته ، ولقد أثبتت نتائج بعض الأبحاث والدراسات وجود علاقة وثيقة بين القراءة الجيدة والفهم ، وذلک کما في دراسة کل من ( محمد قاسم وکريمة المزروعي 20009م ، وأيمن عيد 20007م ، وسونيا قزامل 2006م ، وجمال العيسوي 2002م ،  ومحمد فضل الله 2001م ، وعبد الحميد عبد الله 2000م، وعلي جاب الله 1997م ) .