جدير بالذكر أنه وقع اختياري على دراسة نماذج لوقفيات مصاحف شريفة تخص معتوقات من الأسرة العلوية؛ للعديد من الاعتبارات لعل أهمها أنه لم يتطرق أحد من الباحثين – فيما أعلم- لنشرها ودراستها من قبل، وتعد تلك الوقفيات على درجة كبيرة من الأهمية؛ حيث تلقي الضوء على أسماء لمعتوقات من عصر الأسرة العلوية شاركن في مجال العمل الخيري، ووقف المصاحف الشريفة في مصر آنذاك. وتعد وقفياتهن إحدى الأدلة المادية البارزة التي نستطيع من خلالها التعرف على المكانة الاجتماعية والاقتصادية التي تمتعن بها معتوقات للخديوي إسماعيل، وطبيعة العلاقة بينهن وبين الخديوي السالف ذكره.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل أنه يمكننا التعرف على التقسيمات الفنية والأساليب الزخرفية المستخدمة في مصاحف الدراسة، وكذلك التعرف على خطاطيها ومدارسهم الفنية؛ للوقوف على القيمة الأثرية والفنية للمصاحف الموقوفة؛ مما يفيدنا في التوصل إلى مكانة معتوقات الدراسة في المجتمع المصري آنذاك، ووضعهن الاجتماعي، والاقتصادي الذي مكنهن من وقف مصاحف خزائينية نفيسة دون غيرهن من معتوقات عصر أسرة محمد علي.
أما عن منهج الدراسة: فقد اعتمد البحث على المنهج التاريخي القائم على الوصف، والتحليل، واستقراء النصوص، وتحليل مضامينها؛ للوصول إلى نتائج قد تساعدنا -بمشيئة الله تعالى- على تحقيق أهداف الدراسة.
وكان من أبرز نتائج هذا البحث أنها أثبتت مساهمة معتوقات الخديوي إسماعيل في وقف المصاحف الشريفة على أفراد من العائلة المالكة، فقد أوقفن مصاحف نفيسة ومذهبة خُطت بأيدي خطاطين مهرة تتلمذوا على أيدي كبار الخطاطين العثمانيين آنذاك.