ترکزت العديد من مواقع الاستيطان البشرى التى تنتمى إلى العصر الحجرى الأوسط، في إريتريا نظرًا للأهمية المحورية لموقعها على ساحل البحر الأحمر، ومنها "عبدور" و"أسفت"، والتى کانتا بمثابة نقطة انطلاق للإنسان القديم من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية منذ أقدم العصور.
تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة الصلات الحضارية بين إريتريا وشبه الجزيرة العربية في العصر الحجرى الأوسط اعتمادًا على تحليل المعلومات المستمدة من السجل البشرى الأحفورى، ودراسة الجينات البشرية والأحماض النووية ومدى اختلاطها بين هؤلاء البشر، ومقارنة الأدوات الحجرية التى عثر عليها في المنطقتين ومدى تشابهها. وعلى الرغم من ندرة البقايا الأحفورية للإنسان العاقل في شبه الجزيرة العربية؛ إلا أن مجموعات الأدوات الحجرية التى عثر عليها في بعض المواقع مثل جبل فايا١ بالإمارات العربية المتحدة ومنطقة ظفار بعمان وجبل قطار1 بصحراء النفوذ بالمملکة العربية السعودية وشيعبة دحية١ باليمن شکلت جميعها سجلًا أثريًا قدم معلومات هامة حول توقيت الانتشار وتوزيع المهن وتطور السلوک البشرى، وأظهرت أوجه التشابه التقنية والنمطية بين هذه الأدوات، ولکن لازالت الحاجة إلى مزيد من الاکتشافات الجديدة والأدلة الأثرية للتأکيد على أن هذا التشابه الحضارى نتج عن الانتشار المبکر للبشر عبر هذه المناطق وليس تشابهًا في التکيف مع ظروف بيئية مماثلة.