تُعد الأرض أهم مصدرٍ للموارد الطبيعة ومنها المعادن التي لعبت دوراً مُهماً وجوهرياً في اليمن القديم، وساهمت في بناء حضارته، وکانت أحد رکائز تنميته. بعد أن تعرف الإنسان القديم على أنواعها ومواطنها، وتمکن من استخراج العديد من المعادن کالذهب والفضة، واستخدمها في صناعة کثيرٍ من أدوات ومستلزمات الحياة المختلفة، وعلى رأسها أدوات الزينة.
يتناول البحث أقدم ثروات اليمن القديم التي استغلت لفترات طويلة، بدافع الحاجة إلى معرفة التقنية القديمة المستخدمة في تعدين معدني الذهب والفضة، وهو ما يمثل دافعاً رئيسياً لدراسة هذا الموضوع، وتناول هذا الجانب الذي يشکل مرآة عاکسة للجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وما توصل إليه سکان هذه المنطقة الغنية بخامات المعادن، وکونه ذو أهمية بالغة في دعم الاقتصاد اليمني القديم والحالي. کما أن دراسة المعادن واستخداماتها وأماکن وجودها لها أهمية بالغة في وقتنا الحاضر، علاوة على أنها أحد المظاهر العلمية والعملية التي أهتم بها الإنسان اليمني القديم.
أثناء البحث والمطالعة لفت انتباه الباحث ما خصه لسان اليمن (ابو محمد الحسن بن أحمد الهمداني) في مؤلفه: "الجوهرتين العتيقتين المائعتين الصفراء والبيضاء" في عام (330هـ/ 942م) على أقل تقدير، بذکر معدني الذهب والفضة وطرق استخراجهما والمواد والأدوات المستخدمة في التعدين، وتجهيزهما حسب التقنية في عصره وما قبله، کما يشير إلى أنه امتهن التعدين عن الذهب والفضة، وانها مهنة متوارثة في عائلته منذ زمن بعيد. وذکر المناجم، وحدد مواطنها في الجزيرة العربية، مسترشداً في ذلک بکتابه (صفة جزيرة العرب).