يهدف هذا البحث إلى توضيح مدى تأثير الخطوط المنقوشة على شواهد القبور في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي على الزخارف الکتابية المنفذة على منسوجات طراز الفيوم التي تنسب إلى نفس الفترة، وذلک من خلال الربط بين أشکال الحروف على کليهما، ومحاولة تأريخ قطع المنسوجات غير المؤرخة اعتمادا على شواهد القبور المؤرخة، باتباع منهج يعتمد على تحديد الظواهر المميزة للزخارف الکتابية على منسوجات طراز الفيوم ومقارنتها بمثيلاتها على شواهد القبور المؤرخة بفترة القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، حتى يمکن تأريخ قطع النسيج استنادا إلى الشواهد.
وقد لعبت الکتابات المسجلة على مجموعة منسوجات طراز الفيوم دورا زخرفيا مهما بالإضافة إلى دورها التسجيلي، حيث تميز الخط الذي نفذت به بمجموعة من الخصائص لم توجد في غيرها من القطع المنسوبة إلى أقاليم أخرى، ويمکن قراءة بعضها أحيانا بينما يتعذر قراءة البعض الآخر في کثير من الأحيان
تناول العديد من العلماء والباحثين نسيج الفيوم والکتابات الواردة عليه في بعض الدراسات التي حددت – کما سبق أن رأينا – الخصائص الزخرفية ووصفتها بالبدائية، کما أشارت أيضا إلى غرابة طراز الخط العربي المستخدم عليها سواء المقروء منه أو غير المقروء، إلا أن أيا من تلک الدراسات لم تتناول العلاقة بين تلک الکتابات والطراز الفريد للخط العربي الذي انتشر على شواهد القبور في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي - خاصة تلک النماذج التي تحمل توقيع الخطاط مبارک المکي ، کما لم يرد في أي من هذه الدراسات مقارنة لهذا الأسلوب بالخطوط الأخرى المعاصرة له على أي من الآثار والتحف المنقولة، بشکل يساهم في وضع تاريخ ملائم لها