صار عمل مفتاح الکعبة من الأمور التي يتنافس فيها السلاطين والحکام، لما لذلک من معان دينية ودنيوية عندهم، إذ أن القائم على رعاية بيت الله الحرام يمثل في الوقت نفسه زعامة سياسية للمسلمين إلى جانب الزعامة الدينية.
وقد مرت صناعة مفاتيح الکعبة بعدة مراحل: فکانت تصنع من الحديد في أوائل العصر العباسي، ثم عملت من البرونز، وأول من أهدى للکعبة قفلاً ومفتاحًا من الذهب هو الخليفة العباسي المعتصم بالله بن هارون الرشيد، واستمرت المفاتيح تصنع من الذهب في العصر الفاطمي ثم العصر المملوکي، فقد بدأ ذلک السلطان الظاهر بيبرس (658-676هـ/ 1260-1277م) فهو الذي أرسل کسوة ومفتاحًا للکعبة عليه اسم الخليفة المستنصر بالله أول الخلفاء العباسيين بالقاهرة، ثم صار ذلک تقليدًا اتبعه سلاطين المماليک في مصر، وهو ما أطلق عليه اسم "المحمل".
وقد تنوعت مفاتيح الکعبة واختلفت حسب المکان الذي خصصت له، فمنها ما کان مخصصًا للباب الرئيس، وکان يطلق عليه "الباب الکريم"، ومنها ما خصص لباب الرحمة، وهو باب بداخل الکعبة يؤدي إلى سطحها، أو ما خصص لباب التوبة.
وتعتمد الدراسة على محاولة إبراز الدلالات الدينية والسياسية للنقوش الکتابية المنفذة على مفاتيح وأقفال أبواب الکعبة المشرفة في العصر المملوکي، وما تشمله من آيات قرآنية متنوعة لها علاقة وثيقة بمکانة الکعبة المشرفة لدى المسلمين دينيًا وسياسيًا، کما اشتملت النقوش على عبارات دعائية، واشتملت أيضًا على مجموعة من أسماء الخلفاء والسلاطين، بالإضافة إلى ألقابهم ومدلول ذلک السياسي والديني وکيف هم مهتمون بهذا المکان المبارک، کما نقش على کثير من المفاتيح تواريخ صنعها.