تعد مسة([1]) ( أرتميس ) من المستوطنات الريفية المهمة التي أسسها المستوطنون الإغريق في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، وهي تبعد عن المدينة الأم (کيريني ) حوالي 25 کم  وتتوافر فيها أغلب الشروط التي اعتمدها الإغريق لتأسيس المستوطنات الريفية وهي مصدر مائي مستمر، أراضٍ صالحة للزراعة، ومرفأ قريب للاتصال بالعالم الإغريقي.  کما توجد بهذه البلدة ثاني أکبر المقابر في الإقليم، وتنتشر في محيطها المحاجر والمباني القديمة مثل المعابد، والحصون، والحمامات، والکنائس, والسدود وصهاريج المياه و الکثير من بقايا المباني التي تحتاج إلى التنقيب فيها من أجل معرفة هويتها.  ترتبط البلدة بمرفأ يبعد عنها 15 کم شمالاً من أجل الاتصال بمدن الإقليم و بلاد اليونان. ارتبطت هذه البلدة بعدد من الحصون التي تعود إلى الفترة الکلاسيکية لحماية هضبة کيرينايکا، ولکن للأسف في السنوات الأخيرة تم تدمير الکثير من هذه المواقع نتيجة لتقسيم المنطقة الأثرية وبيعها للمواطنين من قبل ملاک الأراضي، وهذا ما دفع الباحث إلى کتابة هذا البحث لتوعية المواطنين بأهمية البلدة وتوثيق ما يمکن توثيقه رغم صعوبة الدخول إلى المنطقة الأثرية الآن، وقد حاول الباحث القيام بدراسة وصفية تحليلية من أجل الربط بين مستوطنة أرتميس و المناطق المحيطة بها في الساحل, وحتى آخر موقع عثر فيه على بقايا آثار کلاسيکية جنوبا قرب بلدة أسلطنة.
وقد تبين من خلال هذه الدراسة أهمية مستوطنة أرتميس الاقتصادية والدفاعية؛ لأنها تمثل الحد الفاصل بين المناطق التي استوطنها الإغريق والسکان الليبيون، وتمثل ثقافة إغريقية   خالصة لم تتأثر کثيراً بالثقافة الرومانية وخاصة في بناء المقابر و المعابد.



([1]) لا يزال اسم مسة مجهولاً إلا أن کاوبر. هـ . س. في کتابة The Hill Of the Graces  و الذي ترجمه إلى العربية أنيس زکي حسن ، يقول بأن کلمة مسة هي کلمة من أصل إغريقي بمعنى الأراضي الداخلية . ورغم تحفظنا على الکثير مما ورد في الکتاب الا إنني لم أجد أي تفسير لمعني کلمة مسة إلا في هذا الکتاب  . للمزيد انظر . کاوبر . هـ. س . مرتفع الآهات الجمال استکشاف الهياکل الثلاثية  والمواقع المغليثية في طرابلس . ترجمة . انبس زکي منصور ، منشورات مکتبة الفرجاني، طرابلس، ليبيا، ت ، ص 146.