لم تقتصر دراسة النقود اليونانية على التأريخ، والتصنيف، والوصف، واستنباط مفاهيم متعددة من خلال التحليل الفنى لطرز الوجه والظهر؛ حيث احتلت قضية سببية نشأة النقود فى بلاد اليونان حيزا لا يستهان به من تفکير بعض الباحثين. جاء السبب التجارى على رأس التفسيرات من خلال نظرية کارل مينجر Carl Menger عام 1871 لما يمکن الاصلاح عليه باسم "النظرية التجارية لنشأة النقود". شاعت هذه النظرية منذ وقت ظهورها حتى يومنا هذا، للحد الذى يمکن القول معه إننا نکاد لا نطالع غيرها فى الغالبية العظمى من الدراسات المتعلقة بهذا المجال. ورغم أن الألمانى برنارد لاوم Bernhard Laum کانت له عام 1924 وجهة نظر مغايرة من خلال ما يمکن الإشارة باسم "النظرية الدينية لنشأة النقود"، إلا أن هذه النظرية عانت من الإهمال الشديد، ليس لعدم منطقيتها، بل لعدم اختبارها ووضعها تحت مجهر التحليل والفحص المتأنى. يمکن القول إن ريتشارد سيفورد Richard Seaford هو أول من أخذ نظرية لاوم مأخذ الجد عام 2004 من خلال إعادة قراءتها، واختبار إمکانية إحيائها وتطبيقها. وبناء عليه، يهدف البحث، عن طريق تطبيق المنهجين التحليلى والمقارن، إلى تقديم دراسة وافية لهذه النظرية؛ بهدف الوصول إلى أى مدى يمکن إحيائها، والتوصية بتغليبها على النظرية التجارية..