کان البحر الأحمر البوتقة التي انصهرت فيها معظم الحضارات القديمة وتشکلت ملامحها على ضفتيه، فهو بمثابة الطريق الذي من خلاله عرف العالم القديم أول مبادئ الاتصال التجاري والثقافى، ونتيجة لذلک نمت على شاطئيه حضارات عظيمة ساهمت بإيجابية في تطور البشرية وتقدمها.
  تؤکد الأدلة الأثرية والنصية في بلاد الحبشة أنه نتيجة التواجد العربي الجنوبي في المنطقة قامت مملکة في الألفية الأولى قبل الميلاد (900/800 ق.م-400/300 ق.م) عُرفت في النصوص باسم "دعمت"، وعلى الرغم من أن الأدلة الأثرية والمظاهر الحضارية لهذه المملکة تعکس تأثيرات عربية جنوبية واضحة، إلا أنها لم تخلو من تأثيرات وادي النيل والذى کان يشکل امتدادًا طبيعيًا لها.
  والهدف من هذه الورقة هو عرض العوامل والأسباب التي أدت إلى قيام مملکة دعمت فى بلاد الحبشة، ثم تتبع الأدلة التي تشير إلى وجود صلات بين مملکة دعمت وحضارات وادي النيل، وعرض بعض مظاهر تأثيرات وادي النيل في فنون مملکة دعمت والمُتمثلة في بعض القطع الفنية والتماثيل.