تميز الوضع في روما في نهاية القرن الرابع ميلادي بـالتردي فـي جميـع مجالات الحياة، ففي المجال السياسي انقسمت الدولة إلـى إمبراطوريـة الـشرق و عاصمتها بيزنطة وعلى رأسها الإمبراطور أركاديوس و كان عمره ثمانية عشر سنة و إمبراطورية الغرب و عاصمتها روما و على رأسها الإمبراطور هونوريوس و كـان عمره لا يتجاوز إحدى عشر سنة فقط ،لذلك آل الحكم الحقيقي لوزرائهم، فقـد أمـسك الوزير روفنيوس ثم أوتروب على عرش بيزنطة بينما سيطر على مقاليد الحكم فـ ي الغرب الوصي على العرش ستيلكون. و في ال مجال العسكري أظهر الجيش الرومـاني عجزه في الدفاع عن حدود البلاد من التهديدات الخارجية و حمايتهـا مـن الثـورات الداخلية،و ما زاد الأمور تعقيدا الصراع بين بيزنطة و روما سعي كل طرف إعـادة توحيد الإمبراطورية و الهيمنة عليها .لقد نتج عن هذه الأوضاع انتشار الثورات ، بحيث سعت الشعوب المستعمرة للتحرر و من بين الثورات التي هددت وجود روما تلك ال تي قادها القائد الموري جيلدون،إذ رغم قصر مدتها؛ إذ لم تتجاوز سنتين؛ كادت أن تقـضي على العرش في روما. فقد كان جيلدون في بداية حياته ال سياسية و العـسكرية حليفـا لروما،فقد ساعد تيودوز في القضاء على ثورة أخيه فيرموس، فكافأته رومـا بمنحـه قيادة جيوشها في إفريقيا، لكنه لما لاحظ الوضع الذي آلت إليه الإمبراطورية الرومانية بعد وفاة الإمبراطور تيودوز و انقسام ها إلى قسمين متصارعين، قرر ا لـتخلص مـن التبعية للعرش الروماني .بدأ ثورته بالتمرد على السلطة المركزي ة الرومانيـة بإيقافـه مدها بالقمح، و الذي يدخل في نطاق ضريبة التموين السنوية، و هو مـصدر التمـون الأساسي لروما، و هذا جعل روما على حافة المجاعة مما دفع بالمسؤولين الرومان إلى إعلان حالة الطوارئ واعتبار جيلدون عدو الشعب الروماني، و عندها خطا جيلـدون الخطوة الثانية في ثورته بإعلانه الانفصال عـن رومـا و الانـضواء تحـت لـواء بيزنطة،مستغلا الصراع بين العاصمتين للهيمنة على كل الإمبراطورية ،و جاء رد فعل ستيلكون الوص ي على الإمبراطور هونوريوس سريعا، إذ قرر إرسال قوة للقضاء على القائد الموري، فجهز جيشا واختار لقيادته الأمير ماسكزال أخ جيلدون و كان ناقما على أخيه .قدم الجيش الروماني في سنة ٣٩٨م. إلى إفريقية و كـان تعـداده لا يتجـاوز٥٠٠٠ مقاتل مقابل ٧٠٠٠٠ مقاتل لجيش جيلدون حسب ما ذكرته المصادر، و ق د التقى الطرفان قرب مدينة تيفست (تبسة) و لم تدم المعركة م دة طويلة حتـى انهـار جـيش جيلدون .و بذ لك انتهت هذه الثورة بسرعة كبيرة، حسب ما ذكره المـصادر اللاتينيـة المعادية لكل ما هو غير روماني و لمن يرفض الخضوع لها، و علـى رأس هـؤلاء الشاعر كلوديان و المؤرخ زوسيم إن نهاية هذه الثورة بالسرعة التي ذكرتها المصادر اللاتينية تطرح تساؤلات أكثر مما تعطي إجابات لأن انتـصار ٥٠٠٠ جنـدي علـى ٧٠٠٠٠ ألف و تفسير ذلك بالمعجزة أمر لا يصدق