تعتبر العلاقات النورماندية الإسلامية بجزيرة صقلية، أثنـاء حكـم الكونـت روجر، محطّة خاصية في التاريخ الأوربي الوسيط . وتعود خصوصية هذه الـصفحة، إلى كون هذه العلاقة جرت في حقبة كان الحكم الإسلامي بهذه الجزيرة قد ولّى وأدبر وانتقل زمام الملك بها إلى أسياد جدد وهم النورمان "Normands ". وتحول المسلمون جراء ذلك، من حكام لأرجاء الجزيرة إلى محكومين خاضعين لهؤلاء الـشماليين فـي ظل نظام جلبوه معهم، اشتهر بقساوته وتعقيداته وهو المعروف بالنظام الإقطاعي. إلاّ أن هذه الوضعية لم تحل دون استمرار الطرف الإسلامي في إدارة شـؤون صـقلية باعتباره، في نظر النورمان، عاملاً حاسما في تثبيـت وتأكيـد الحكـم النورمانـدي بالجزيرة. وشكّل هذا الاعتقاد لدى النورمان مبررا موضوعيا لبناء علاقة مثيرة مـع مسلمي صقلية وحضارتهم، شهد لها بالتأثير الفعال والملحوظ على واقع الجزيرة هـذا على الرغم مما تميزت به هذه العلاقة من ثُنائية صـارخة ايجابيـة وسـلبية، بنـاءة ومجحفة، كما سيتم الكشف عنها في هذا العرض.