الكتابات والنقوش العربية أحد المصادر الرئيسة للمؤرخ والباحث وعالم الآثار على حد سواء، فهي إما أن تضيف معلومات تاريخية على جانب كبير من الأهمية لم يذكرها المؤرخون القدامي أو الباحثون المحدثون، أو تصحح خطا كان شائعا بين المؤرخين، أو ترجح رأيا على آخر، وهذه من المسلمات التي لا تحتاج إلى إثبات في ظل ما ظهر من دراسات كثيرة وبحوث عديدة عن الكتابات والنقوش وأهميتها، ولا يمكن حصرها في هذا التمهيد، لكن الذي نريد توضيحه هنا، هو أهمية هذا النقش الذي نقوم بدراسـة نصه هنا في هذا البحث المتواضع الذي يتحدث عن إنشاء مضرب للحجـاج وأبنـاء السبيل في مشعر عرفات بأمر من الخليفة المتوكل علـى الله العباسـي (۲۳۲ . ٢٤٧هـ) سنة ٢٤٥هـ وبإشراف ابنه وولي عهده المستنصر بالله، ولم يشـر إليـه المؤرخون قديما أو حديثا، رغم أنهم أفاضوا كثيرا في إصلاحات الخليفة المتوكل سواء في مكة أو المدينة، أو الطرق المؤدية إليهما، وتأمينه لطرق الحج واهتمامـه بأمنهـا، وتعيينه لأكفأ الشخصيات التي تقوم على شئون الطـرق عامـة وطـرق المـدينتين المقدستين على وجه الخصوص.