فاروق جويدة من أبرز الأصوات الشعريَّة المُؤَثِّرَة في العصر الحديث ولَعَلَّ مسرحيَّة (الخويدي) من أهم المسرحيات الشعرية ، التي ترتبط – ارتباطًا وثيقًا بالواقع الاجتماعيّ ، وتُثْبِتُ وَلَعَ کَاتِبهَا بِالتَّارِيخ .
ويدور هذا البحث حول مسرحية (الخِدِيوِي) لفاروق جويدة ؛ فقد زَعَمَ کثيرون بعد ثورة يناير أنها أَوَّل إرهاصات الثورة ، وقَارَنَ هَذَا الفَرِيقُ بَينَ مَشْهَدِ ثورة الشعب ضد الخِدِيوِ حين فَاضَ بِهِ الکَيل ، وثورتهم على نِظَام الحُکْم في 25 يناير 2011م ، مُؤَکِّدِينَ أنَّ الشَّاعِرَ يُعَبِّرُ عَمَّا سيحدثُ بسبب الفساد ، الذي انتشر في مِصْر قبل ثورة يناير .
حاولتُ أَنْ أُؤکِّدَ أنَّ مَشْهَدَ الثورة على الخِدِيوِ لم يکن المحور الرئيس في المسرحية ؛ لأنها تدور حول الخِدِيوِ وحُلْمه الذي يُؤَرِّقُهُ مَا بَينَ الخَيَالِ والوَاقِعِ .
انقسم البحثُ إلى تمهيدٍ وثلاثة مباحث وخاتمة ، وتناول التمهيد : فاروق جويدة ؛ الإنسان والتجربة ، ورَصَدَ المَبْحَثُ الأَوَّلُ : الشَّعْر والتَّارِيخ ، وعَرَضَ المَبْحَثُ الثَّانِي : فِکْرَة التَّثْوِير فِي مَسْرَحِيَّة (الخِدِيوِي) ، ودَرَسَ المَبْحَثُ الثَّالِثُ : الثَّورَة فِي مَسْرَحِيَّة (الخِدِيوِي) .
وقد أثبت البحثُ أَنَّ البناءَ الفَنِّيَّ لمسرحية (الخِدِيوِي) لفاروق جويدة ؛ لِمْ يُحَالِفْهُ الإتقان اللغويّ ولا العَرُوضِيّ ؛ فهي من الناحية اللغويَّة رکيکة جدًّا غير جزلة ، وموسيقاها فجةٌ ، تَنْفِرُ مِنْهَا الأُذُن , ويَخْلِطُ الشَّاعِرُ في الأوزان العروضيَّة بصورة واضحة ، فَضْلاً عن المُبَاشَرَةُ البَعِيدَةُ مِنْ جَوهَرِ الغُمُوضِ الفَنِّيّ، والحوار سطحيّ غنائيّ ، يَصْعُبُ أن يَحْمِلَ ما بين سُطُورِهِ أفکارًا عميقة ؛ فليس في المسرحية صراعٌ يَرْبِطُ بين الأحداث ، ويُشَوِّق القارئُ إلى مُتَابَعَةِ القِرَاءة ، باستثناء مشهد قَتْل الخِدِيوِ لِصَدِيقِهِ صدّيق .
إِنَّ شَخْصِيَّة الخِدِيوِ في مسرحية فاروق جويدة لا تُجَسِّد الظلم والاستبداد ، بل تُجَسِّد ذلک الحاکم صاحب الطموح الکبير ، الذي يسعى لخير بَلَدِهِ التي يُحِبُّها ، شهيد حُلْمه وطُمُوحه .
وقد اعتمدتُ في دراستي على المنهج الوصفي ، الذي يقوم بتحليل المسرحيَّة موضوع الدراسة ، وتفسير أحداثها ، بدِقَّة وموضوعيَّة .