يعد المعلم بمثابة حجر الزاوية في العملية التعليمية وعلى کاهله تقع مسئوليات جسام لجعل طموحات النظام التعليمي حقيقة متجسدة على أرض الواقع ممثلة في نتائج أداء الطلاب وتحسين مستويات الإنجاز الدراسي بمختلف جوانبه المعرفية والوجدانية والمهارية لديهم. إن الأمر مرهون بشکل رئيسي بجودة أداء المعلمين. ولا يتوقف أداء المعلمين على ما لديهم من کفايات ومهارات وإعداد تدريسي فحسب إنما للأمر أيضاً أبعاد أخرى في غاية الأهمية.
 ولکي يکون المعلمون قادرون على الأداء بشکل جيد وتقديم أفضل ما لديهم فإنهم يجب أن يکون لديهم شعور عالٍ بالرضا وإحساس بالانتماء إلى المنظمات التي يعملون بها وأن يطوروا ما يعرف بسلوک المواطنة التنظيمية. ويهتم العلماء والباحثون في علوم الإدارة والسلوک التنظيمي بدراسة سلوک الأفراد في المنظمات وتقييمه، وتفسيره، والتنبؤ به من أجل تحقيق أهداف المنظمة بکفاءة وفعالية. ومن أجل تحقيق هذه الکفاءة والفعالية تحتاج منظمات اليوم إلى سلوکيات تنظيمية تساعدها على النمو والنجاح في ظل بيئة تنافسية وتغيرات مستمرة. ويعتبر سلوک المواطنة التنظيمية الذي ظهر في الفکر الإداري المعاصر أحد مفاهيم السلوک التنظيمي الذي تحتاجه المنظمات المعاصرة لمواجهة التحديات المعاصرة  (عالية طحطوح، 2016، ص(33).
ويعتبر مفهوم سلوک المواطنة التنظيمية من المفاهيم الحديثة نسبياً في الفکر الإداري وخاصة في البيئة العربية، ويلقي هذا المفهوم اهتماماً ملحوظاً من قبل الباحثين والإداريين لعلاقته الوثيقة بأهم عنصر في المنظمة وهم الموظفين )مروان الطراونة،( 2014.  ويمکن القول أن سلوک المواطنة التنظيمية يتمثل في التصرفات الإيجابية الزائدة عما هو موصوف في الأنظمة الرسمية للمنظمة، ويمتاز بالطبيعة الاختيارية غير الإکراهية ولا تخضع لمکافئة محددة مباشرة في نظام الحوافز الرسمي للمنظمة، وذو أهمية کبيرة للأداء الناجح والفعال للمنظمة، وهو سلوک فردي نابع من المبادرة الذاتية ويخضع للإرادة الحرة للفرد، ولا توجد علاقة رسمية أو تعاقدية مباشرة بين هذا السلوک ومتطلبات الوظيفة، وعلى الرغم من أنه لا يعد أداءً رسمياً بحد ذاته إلا أنه يسمح ويسهم في تحقيق الأهداف الکلية للمؤسسة (حمزة معمري ومنصور ابن زاهي، 2014، ص 47).
فسلوک المواطنة التنظيمية سلوک نابع من إرادة ذاتية وهو سلوک اختياري طوعي لا يثاب فاعله ولا يعاقب تارکه إلا أنه يساهم في تحسين أداء المنظمة وزيادة فاعليتها وبقائها في أوج العطاء والمنافسة (زياد العزام، 2015، ص 110). ومن ثم فهو سلوک يقوم به الفرد طواعية دون أن تفرضه عليه المتطلبات الوظيفية الرسمية، ولا ينتظر من ورائه المکافئة، وهو يزيد من فاعلية المنظمة لأنه يمثل استثماراً فعالاً لرأس المال الفکري(رائد العرايضة، 2012، ص 44). ولقد أظهرت العديد من الدراسات العلمية العلاقة الوثيقة بين سلوک المواطنة التنظيمية والعديد من مؤشرات الأداء والفاعلية التنظيمية من قبيل: تحسين الرضا، وزيادة الإنتاجية، والتنسيق الفعال بين مجموعات العمل، وتنمية رأس المال الاجتماعي(Organ, Podsakoff & MacKenzie, 2006).
ونظراً للأهمية البالغة لسلوک المواطنة التنظيمية فمن الأهمية بمکان تناول ودراسة وتحليل العوامل المؤثرة عليه وبخاصة ما يتعلق منها بما يتبعه المديرون من سلوکيات وممارسات وإجراءات تؤثر مباشرة عليهما. ومن أبرز هذه الممارسات العدالة التنظيمية.