فاللام حرف غزير المعاني ، کثير الأحکام والمواضع في کلام العرب وفي کتاب الله عز وجل؛ لذلک کان محل عناية اللغويين والنحاة، فاهتموا بدراسته في کتبهم ، وبلغ من مراتب هذا الاهتمام أن أفردوه بالدراسة ، فکان ممن أفرد له الدرس أبوالقاسم الزجاجي(ت:337هـ) وابن فارس(ت:395هـ) وأبو الحسن علي بن محمد الهروي(ت:415هـ) وغيرهم ، وعُنون له في هذه الدراسات بکتاب اللامات .
وقداهتم النحاة واللغويون في هذا النوع من الدراسات وغيرها بذکر مواقع اللام في کلام العرب شعرًا ونثرًا، وکذلک بيان مواضعها في القرآن الکريم ، فعددوا معانيها واحتجوا لکل معنى ، وکان من ضمن هذه المعاني التي ذکروها للام : التقوية ؛ لذا تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن التساؤلات الآتية:
 ما سبب دخول اللام على معمول عامل يتعدى بنفسه؟ ومالفرق بين دخول اللام على معمول متقدم على عامله ودخولها على معمول متأخر عنه؟ وهل هناک اختلاف في الوظيفة النحوية والدلالية للام في کلتا الحالتين؟ وما المواضع التي يضعف فيها العامل النحوي فيحتاج حينئذٍ إلى مقوٍ للعمل النحوي؟ وماحکم زيادة اللام في المفعول به؟ وما شروط زيادتها في المفعول ؟
   وتستعين الدراسة بآراء النحاة والمفسرين في تلک المسائل، ولا أقصد الفصل بين النحاة والمفسرين خاصةً أن هناک مِن المفسرين منْ هو نحوي کالفراء والزمخشري وأبي حيان ، وکلا الفريقين يستقرأ من واقع النصوص ما يتوافق والمعنى ؛ وإن الهدف من ذلک التصنيف هو إثراء الدراسة من خلال تتبع الظاهرة المدروسة في مصادر النحو ثم في کتب التفسير لما في هذه المصادر من تنوع للآراء ومناقشات تستند إلى قواعد النحو وأصول المعاني.
واتبعت في هذا البحث منهجًا محوره الرئيسي الرجوع إلى الأصول في علوم النحو واللغة والتفسير ، وحاولت - قدر جهدي - جمع أقوال العلماء وتوجيهاتهم ثم ترتيبها وتحليلها بشکل يراعي المعنى و يتفق وقواعد اللغة ؛ و ارتضيت المنهج الاستقرائي التحليليّ منهجًا للدراسة ، وناقشت الشواهد من خلال عرضها على کتب اللغة والنحو ثم التفاسير،واخترت الراجح  من آراء المفسريين والنحاة مع التعليل له ما استطعت إلى ذلک سبيلاً.