موضوع البحث: اليوم الآخر بين الفلسفة والدين، ونحاول من خلال البحث أن نثبت ونرسخ التوفيق بين الوحى والعقل السليم، بين العقيدة الصحيحة والحکمة الراسخة، بين الدين والفلسفة، وأن نبين للناس أن الوحى لا يناقض العقل، وأن العقيدة إذا استنارت بضوء الحکمة تمکنت من النفس وثبتت أمام الخصوم، وأن الدين إذا تآخى مع الفلسفة أصبح فلسفياً کما تصبح الفلسفة دينية. فالفسلفة الإسلامية وليدة البيئة التى نشأت فيها والظروف التى أحاطت بها، وهى کما يبدو فلسفة دينية روحية.
کما اتفق الفلاسفة على حقيقة اليوم الآخر، واختلفوا فى کيفيته، فذهب جمهور المسلمين إلى أنه جسمانى فقط، لأن الروح عندهم جسم سار فى البدن سريان النار فى الفحم والماء فى الورد. وذهب الفلاسفة إلى أنه روحانى فقط، لأن البدن ينعدم بصوره وأعراضه فلا يعاد.
والتناسخ عقيدة فکرية مشوهة الهدف منها إنکار الآديان والتکاليف الشرعية لأن هذه المعارف کانت عقلية فقط, وهذا الخلاف الأکبر والأعظم بيننا وبين أهل التناسخ, فالمعرفة الدينية لها مصادر عند المسلمين وهما الأخبار والنظر, وأما الأخبار فهى المعرفة السمعية أو النقل, وأما النظر فالمراد به نظر العقل أو المعرفة العقلية. يقول الماتريدى:" أصل ما يعرف به الدين... وجهان: أحدهما السمع والآخر العقل". والمصدر الأول لتلقى العلوم الدينية, وهو النقل أو الخبر أهمية کبرى لأنه هو المصدر الوحيد لما هو متاح للإنسان من معرفة عالم الغيب, وعليه يعول فيما غاب عن الإنسان من علم لا يبلغه بالحس أو بالعقل, لذلک لزم قبول أخبار الرسل, إذ لا خبر أظهر صدقاً من خبرهم بما معهم من الآيات الموضحة صدقهم ... فمن أنکر ذلک, فهو أحق من يقضى عليه بالتعنت والمکابرة.
على أية حال لقد کان لعقيدة التناسخ أثر على الحياة وخصوصاً فى ظل الدولة الإسلامية وهذا شئ طبيعى لأنهم تمتعوا بالتسامح والحرية فى ظل هذا الدين الحنيف, فوجدنا على سبيل المثال الخليفة المأمون يجادل الملاحدة وأصحاب الفکر الثنوى وهذا أکبر دليل على التسامح, فديننا الحنيف هو دين للانسانية جمعاء مخاطباً لکل العقول والقلوب وهو دين يعالج أمور الدنيا والآخرة وهو دين يسر لا عسر, وکلما ناظروه وجادلوه ازداد انتشاراً وازداد حفظاً ومنح قوة إلى يوم الدين.