إن الالتزام بالسر المهني، يعد من الموضوعات بالغة التعقيد، فهو يثير العديد من الصعوبات تدور في إطار مدى اعتباره التزاما عادياً، أم أن له خصائص ذاتية، تجعله ينفرد بمقومات خاصة... وتتركز أولى هذه الصعوبات في تحديد الخط الفاصل بين الحق في الخصوصية، والحق في السرية، فهذا التحديد هو الذي يسمح بمواجهة كافة صور الاعتداء على الحق في السرية.

فالحق في الخصوصية يقتضي ألا تكون الشئون الخاصة للفرد محلاً في الإعلام بالنسبة لغيره، وفي تعبير آخر هو حق كل إنسان في التعامل مع حياته الخاصة بما يراه، " والخصوصية بهذا المعنى تقترب من السر، ولكنها لا ترادفه، فالسر بوجه عام، هو ما يكتمه الإنسان في نفسه... فهو بذلك يفترض الكتمان التام، أما الخصوصية، فقد تتوافر بالرغم من عدم وجود السرية .

وتنبع أهمية الحق في السرية، من أن هناك حالات تستدعي إحــاطة حقوق الشخص والتزامـاته، أو أية أمور أخـرى تهمه، بسيـاج من السرية التـامة، فالشخص الذي يلجأ إلى المحامي ليستشيره، أو يعهد إليه ببعض قضاياه، قد يكشف له عن بعض أسراره وخصوصياته التي لا يعرفها أحد عنه، حتى في محيطه العائلي أحياناً ... في هذه الحالات، وما يماثلها، يكون ثمة شخص مؤتمن على مصالح وأسرار شخص آخر، ووسيلة حماية هذه المصالح والأسرار، هي أن تبقى طي الكتمـان.