تسعى الدراسة في هذا الفصل إلى تحليل شخصية الطفل في قصص الکاتب الکبير يوسف إدريس وفق معطيات القراءة الثقافية، حيث النظر في تشکيل شخصية الطفل في القصص القصيرة من خلال المرجعيات الثقافية التي نشأ يوسف إدريس في رحابها، فعملت على تشکيل وعيه، ورسم فعله الإبداعي وتوجهه الذي جعل الطفل يبرز في قصصه على نحو ما يتم توضيحه في هذا الفصل واستظهار ملامحه.
إن علاقة الأديب کمبدع يعيش في مجتمعه هي العلاقة التي تربط النص بمحيطه الاجتماعي والثقافي، تلک العلاقة التي تفرض نفسها على الاجراءات التحليلية؛ فالثقافة لابد وأن تصوغ بأنساقها الغائرة في المجتمع وفي النسيج الحياتي المعاش وعي المؤلف الذي هو في الأص إنسان وجزء حي من هذا النسيج يؤثر فيه ويتأثر به، فالنص قيمة ثقافية کما أنه قيمة جمالية.
وهنا يتم استخلاص الأنساق الثقافية التي انغرست في النسيج القصصي وعملت على تشکيل الخطاب القصصي الإبداعي لدى يوسف إدريس وخروج شخصية الطفل وفق صور بعينها، برزت فيها سياقات الفقر والتهميش والحرمان، کما برزت مشکلات الأطفال في مواجهة سياقات تربوية خاطئة، فضلًا عما انغرس في القص من علامات أشارت إلى الواقع الثقافي في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين، وبيان أثر ذلک على الطفل کجزء لا يتجزأ من هذا الواقع.