جنح أغلب الفلاسفة اليهود في العصر الحديث إلى المواءمة بين اليهودية والحركات الغربية الحديثة، اعتمادًا على المفاهيم العقلية التي أنضجتها الفلسفة الغربية وصبغت بها روح العصر. وبعد قيام إسرائيل عام 1948، وما تلاها من سلسلة لا تحصى من الحروب، أسفرت عن تكوين الصراع العربي الإسرائيلي من جهة، ومفاوضات للسلام من جهة أخرى. فتبنى وطوّر اليهود فلسفاتٍ جديدةً لتلبية متطلبات ومستحدثات الواقع الجديد الذي وجدوا أنفسهم فيه.
وكي نفهم هذه الفلسفات، علينا أن ندرك أولا السياق الذي نبعت منه. ومن هنا دعت الحاجة لدراسة هذا الاتجاه الفلسفي المعاصر، وهو ما يمكن أن يعكسه لنا الفيلسوف الإسرائيلي "يشعياهو ليبوڤيتش" (1903-1994م)، موضع الدراسة. حيث تعكس أفكاره أحد نماذج الفكر الفلسفي السياسي بعد قيام إسرائيل، والتي لا تزال تطرح في الساحة السياسية الإسرائيلية حتى اليوم.
وستناقش هذه الدراسة مفهوم السلام في فلسفة "ليبوڤيتش"، والحلول التي قام بوضعها وطرحها لتسوية قضية السلام، والتحديات التي تواجه تنفيذ هذه الحلول من خلال الاعتماد على تحليل كتاباته. حيث وضع العديد من المؤلفات التي تناول فيها الواقع الإسرائيلي من جميع جوانبه، وكان من ضمن القضايا المهمة التي طرحها قضية السلام، ومستقبل فلسطين، والواقع الإسرائيلي، والحلول الممكنة.
وعلى هذا الأساس، قسمنا الدراسة إلى محورين، يسبقهما تمهيد نعرض فيه نشأة "ليبوڤيتش" ومسارات حياته واسهاماته الفكرية. وسيحمل المحور الأول عنوان: "مفهوم السلام في فلسفة "يشعياهو ليبوڤيتش"، بينما سيكون عنوان المحور الثاني: "رؤية استشرافية للمستقبل الفلسطيني ".
ثم نختم هذه الدراسة بخاتمة تلخص أبرز النتائج، تليها قائمة المصادر والمراجع التي تم اعتمدنا عليها.